قال : «يجزئ من البول أن تغسله بمثله» (١) إلّا أنّها ضعيفة سندا بالإرسال ، ودلالة بعدم معلومية معارضتها للأولى إلّا على تقدير إرادة مثل البلل الكائن على المخرج ، ومن المعلوم عدم تحقّق الغسل به ، لاشتراط غلبة المطهّر ، واعتبار الجريان في مفهوم الغسل الممتنع حصوله في مثل الفرض ، ولذا ارتكب الشيخ ـ قدسسره ـ البعيد في تأويلها بإرجاع الضمير إلى البول الخارج ، هكذا قيل (٢).
ولكن منع تحقّق مسمّى الغسل المعتبر شرعا لو أريد منه القطرة العاقلة على المحلّ ـ كما هو الظاهر ـ لا يخلو عن تأمّل ، إذ ليس المراد بالمثل ما يماثله حقيقة ، بل هو كناية عن كفاية أقلّ ما يمكن تحقّق مسمّى الغسل به في الخارج ، فأريد منه ما يماثله مسامحة ، وقوله عليهالسلام : «تغسله» قرينة على هذا التصرّف ، لا أنّ عدم إمكان الغسل بمثله الحقيقي سبب لطرح الرواية.
وأظهر من هذه الرواية في إرادة مثل القطرة العالقة على المحلّ : ما في الوسائل عن الكليني ، أنّه قال : وروي : «أنّه يجزئ أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة» (٣) وغيره.
وعلى ما ذكرنا فلا تنافي بين رواية المثل والمثلين ، لأنّ المثل
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٥ ـ ٩٤ ، الإستبصار ١ : ٤٩ ـ ١٤٠ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٧.
(٢) القائل هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٧١ ، وانظر : التهذيب ١ : ٣٥ ذيل الحديث ٩٤.
(٣) الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢ ، وانظر : الكافي ٣ : ٢٠ ـ ٧.