جعلناها علّة لحرمة الوضع وجواز الأخذ في حدّ ذاتهما ، للزم حمل العلّة على التعبّد ، إذ لا نتعقّل علّيّة عدم الضرورة لحرمة الوضع ، إذ كثير من الأفعال لا يضطرّ إليها الجنب ولا يحرم عليه ، وتنزيل العلّة على التعبّد بعيد.
هذا ، مع أنّ المناسبة المغروسة في الذهن توجب انصراف النهي عن الوضع إلى ذلك.
ألا ترى هل يتوهّم أحد من العوامّ الذين بلغهم حرمة وضع الجنب شيئا في المساجد أنّه إذا اضطرّ الجنب إلى البقاء في المسجد ولم يتمكّن من التيمّم أنّه لا يجوز له وضع ما معه فيه.
فالأظهر جواز الوضع الذي لا يستلزم اللبث المحرّم ، كما لو وضع من خارج المسجد ، أو اجتاز وطرح فيه شيئا ، أو اضطرّ إلى البقاء ووضع ما معه فيه.
وممّا يؤيّد إناطة الحكم بالدخول لا الوضع وأنّه لا بأس بالوضع من غير الدخول : ما أرسله علي بن إبراهيم في تفسيره عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه قال : «يضعان فيه الشيء ولا يأخذان منه» فقلت : ما بالهما يضعان فيه ولا يأخذان منه؟ فقال : «لأنّهما يقدران على وضع الشيء من غير دخول ، ولا يقدران على أخذ ما فيه حتى يدخلا» (١).
لكن هذه الرواية لمعارضتها بالنسبة إلى الفقرة الثانية بما هو أقوى
__________________
(١) تفسير القمّي ١ : ١٣٩ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الجنابة ، الحديث ٣.