اعتبار المرّتين في غيره ، وهي متروكة عند الأصحاب.
ويمكن حملها على الاستحباب ، أو على أنّ المراد بالعصر ما يتوقّف عليه إخراج عين النجاسة من الثوب ، فإنّ ذلك واجب قطعا.
وكيف كان فلا يتمّ الاستدلال بها على المطلوب.
ولو قيل بعدم اعتبار العصر إلّا إذا توقّف عليه زوال عين النجاسة ، كان قويّا ، ومال إليه شيخنا المحقّق سلّمه الله تعالى (١). انتهى.
أقول : لا يبعد أن يكون مراد المستدلّ بالروايتين إثبات اعتبار الغسل المقابل للصبّ في إزالة الخبث ، دفعا لتوهّم الاجتزاء بالأهمّ منهما ، كما في الغسل المعتبر في رفع الأحداث ، فتماميّة الاستدلال بهما موقوفة على مقدّمة مسلّمة عند المستدلّ ، وقد اعترف بها المعترض في طيّ كلماته ، وهي توقّف صدق الغسل المقابل للصبّ على استيلاء الماء على المحلّ وانفصاله عنه ، فزعم المستدلّ أنّه لا يتحقّق الانفصال المعتبر في مفهوم الغسل المقابل للصبّ في الثوب ونحوه ممّا يرسب فيه الماء إلّا بالعصر ، فلو صبّ الماء على ثوب محشوّ بالقطن إلى أن ارتوى وسال عنه الماء لا يخرج بذلك من كونه مصداقا للصبّ المقابل للغسل ، إذ المعتبر في تحقّق الغسل إنما هو انفصال الغسالة ، لا انفصال الفضالة ، وغسالة ما في جوفه من القطن إنّما تنفصل بالعصر ونحوه ، لا بإكثار الماء ، فمرجع الاستدلال بالروايتين بهذا التقريب إلى الدليل الثاني الذي ذكره في المعتبر ، لكنّه متضمّن لإثبات صغراه من غير تعرّض لكبراه ، لفرض التسالم عليه ، عكس ما في المعتبر.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٣٥.