الدالّة على طهارة طين المطر وطهارة السطح الذي يبال عليه بالمطر ، ضرورة أنّ رسوب ماء المطر في الطين والسطح ليس إلّا بطريق السراية ، ولا يطلق على ما ينفذ في باطنهما من الأجزاء المائيّة عند ملاحظتها من حيث هي اسم الماء ، وإلّا للزم انفعال كلّ جزء منه بملاقاة الجزء الآخر للنجس ، لاتّصال الأجزاء بعضها ببعض ، وهو باطل جزما.
فتلخّص ممّا ذكر أنّ كلّ ما يرسب فيه الماء من الأمثلة المذكورة ونحوها فإن كان كالقند والسّكّر والملح ونحوها ممّا لا ينفذ فيه الماء إلّا وهو خارج من حقيقته بحيث لو تقاطر من جانبه الآخر لا يتقاطر إلّا وهو مضاف ، لا يقبل التطهير.
وإن لم يكن كذلك ، يطهر بنفوذ الماء العاصم فيه بلا تأمّل.
وهل يطهر بغسله بالماء القليل النافذ في أعماقه ، كما حكي عن صريح المنتهى والنهاية ومجمع الفائدة والمدارك ، فجوّزوا غسل هذه الأشياء بالقليل (١) ، أم لا يطهر ، كما حكي عن الشهيد والمحقّق الثاني (٢) ، بل عن المعالم نسبته إلى المعروف بين المتأخّرين (٣)؟ وجهان ، أقواهما : الأوّل.
والذي يصلح أن يكون مستندا للمنع أمور :
الأوّل : تعذّر تحقّق مفهوم الغسل بالنسبة إلى الأجزاء الباطنيّة ، لاشتراطه
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٧٨ ، وانظر : منتهى المطلب ٣ : ٢٩١ ، الفرع العاشر ، ونهاية الإحكام ١ : ٢٨١ ، ومجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٣٨ ، ومدارك الأحكام ٢ : ٣٣١.
(٢) الحاكي عنهما هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٧٨ ، وانظر : الدروس ١ : ١٢٤ ، والذكرى ١ : ١٢٤ ، وجامع المقاصد ١ : ١٨٣.
(٣) حكاها عنه صاحب الجواهر فيها ٦ : ١٥٠ ، وانظر : المعالم (قسم الفقه) : ٧٣٧ ـ ٧٣٨.