الطبيعة من حيث هي مع قطع النظر عن عوارضها المشخّصة بحيث لا ينافيها خروج بعض الأفراد بواسطة تلك العوارض ، بل هي مسوقة لبيان الحكم الفعلي الثابت لمصاديق الدم وجزئيّاته المتحقّقة في الخارج.
وكيف لا! مع أنّ رواية (١) أبي بصير ، التي استثني فيها دم الحيض ظاهرها إرادة العموم ، وكذا أغلب الأخبار المتقدّمة الدالّة على العفو صدرت جوابا عن السؤال عن حكم من رأى بثوبه دما ، فكيف يجوز في مثل الفرض تنزيل إطلاق الجواب من غير استفصال على إرادة بيان حكم الطبيعة من حيث هي دون أفرادها!؟ مع أنّ السائل إنّما سأل عن حكم الدم الخارجي الذي أصاب الثوب لا عن الحكم المتعلّق بطبيعة الدم من حيث هي.
والحاصل : أنّه لا مجال للارتياب في أنّ الأخبار مسوقة لبيان حكم أفراد الدم وجزئيّاته المتحقّقة في الخارج ، وكونه دم كلب أو كافر ككونه دم رجل أو امرأة أو فرس أو غير ذلك إنّما هو من مشخصات الفرد غير خارج من حقيقته ، فأخبار الباب بظاهرها تعمّ دم الكلب والكافر أيضا ، كغيرهما من أنواع الدم ، فلو دلّ دليل على عدم العفو عن دم الكافر مثلا ، لكان ذلك الدليل مخصّصا لهذه الأخبار ، لا أنّه غير مناف لها من أصله ، كما توهم.
فتلخّص : أنّ الأخبار بظاهرها تعمّ دم نجس العين ، وحينئذ نقول : لا مقتضي لصرفها عن هذا الظاهر ، إذ لا دليل على عدم جواز الصلاة في دم الكافر وشبهه ، بل ولا في سائر أجزائه ، عدا العمومات الدالّة على إزالة الدم وغيره من النجاسات
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٨٥ ، الهامش (١).