الصحابة ، ويمنع من غيره. وهو المنقول عنه في الصحابي : «كيف أتركُ الحديثَ لقول من لو عاصرتُه لحَجَجْتُه؟» ولكنّه مع ذلك يعرف لهم قدرهم. (١)
يلاحظ عليه : أنّ المدّعى في هذا الدليل بطوله هو قوله : «إنّهم ممّا يجب متابعتهم وتقليدهم» ، ولكن الدليل غير واف بإثباته ولا يلازمه إذ غاية ما يثبته : انّ جمهور العلماء عند تعارض الأقاويل يرجّحون قول الشيخين أو الخلفاء الأربعة أو عامّة الصحابة ، وأين الترجيح عند التعارض من القول بحجّية آرائهم ومذاهبهم وسننهم مطلقاً ، كان هناك تعارض أوّلاً ، وانّه يجب على الخلف متابعة الصحابة وتقليدهم ثانياً.
أضف إلى ذلك انّ أصل الدليل غير ثابت ، إذ طالما خالف الخَلفُ ، السلفَ ، نعم لو اتّفقت الصحابة على أمر من الأُمور يكون حكمه ، حكم سائر الإجماعات ، وعندئذ لا تظهر خصوصية ، لإجماعهم.
هذا وقد علّق على الدليل محقّق الكتاب وقال : فإن كان غرض المسألة وجوب الأخذ بسنّتهم التي اتّفقوا عليها فذلك ما لا نزاع فيه ، لأنّه أهمّ أنواع الإجماع فليس من باب السنّة ، وإن كان الغرض ما جرى العمل عليه في عهدهم ، وإن لم يتّفقوا عليه ، فهذا ليس بدليل شرعي يتقيّد به المجتهد. (٢)
ويظهر من الآمدي وجه آخر لحجّية سنّتهم ، وهي أنّها عند الاختلاف لا تخرج عن كونها حجّة في نفسها كأخبار الآحاد والنصوص الظاهرة ، وعلى هذا يكون سنّة قولاً وفعلاً في غير موضع الإجماع منهم ، تعدّ سنّة كخبر الواحد فيعوّل عليها ويرجع إليها كحجّة ظنية.
يلاحظ عليه : أنّ قياس رأي الصحابة وسنّتهم ، على خبر الواحد ، قياس مع
__________________
(١) الموافقات : ٤ / ٥٧.
(٢) الموفقات : ٤ / ٥٧ ، قسم التعليقة.