واختلف في تقديم معمول هذه الظروف عليها ، فذهب الكوفيون إلى جواز ذلك واستدلوا بقوله تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ)(١) ، فـ «كتاب» معمول «عليكم» وهو مقدم عليه. وأما قول الشاعر [من الرجز] :
٦٦٥ ـ يا أيها المائح دلوي دونكا |
|
[إنّي رأيت الناس يحمدونكا] |
فهو عند الكوفيين كالآية.
ومذهب أهل البصرة منعه وهو الصحيح.
أمّا الآية فـ «كتاب» مصدر وضع موضع الفعل ، و «عليكم» متعلق بالمصدر ، كقوله [من الكامل] :
أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما |
|
أفنان رأسك كالثغام المخلس (٣) |
__________________
(١) سورة النساء : ٢٤.
٦٦٥ ـ التخريج : الرجز لجارية من بني مازن في الدرر ٥ / ٣٠١ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٠٠ ؛ والمقاصد النحويّة ٤ / ٣١١ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٦٥ ؛ والأشباه والنظائر ١ / ٣٤٤ ؛ والإنصاف ص ٢٢٨ ؛ وأوضح المسالك ٤ / ٨٨ ؛ وجمهرة اللغة ص ٥٧٤ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٦ ؛ وذيل السمط ص ١١ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٩١ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٣٢ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٧٣٩ ؛ وشرح المفصّل ١ / ١١٧ ؛ ولسان العرب ٢ / ٦٠٩ (ميح) ؛ ومعجم ما استعجم ص ٤١٦ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٦٠٩ ؛ والمقرب ١ / ١٣٧ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٠٥.
اللغة والمعنى : المائح : النازل إلى البئر ليملأ الدلو منها مغترفا. دونكا : اسم فعل بمعنى «خذ».
يقول : يا أيّها المستقي من البئر خذ دلوي واستق منها.
الإعراب : يا : حرف نداء. أيها : منادى مبنيّ على الضمّ في محل نصب على النداء ، و «ها» : للتنبيه.
المائح : نعت «أي» مرفوع. دلوي : مفعول به مقدّم لـ «دونكا» وهو مضاف ، والياء : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. دونكا : اسم فعل أمر بمعنى «خذ» ، والفاعل : أنت ، والألف : للإطلاق.
وجملة (أيها المائح ..) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنها ابتدائيّة. وجملة (دونكا) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها استئنافية.
والشاهد فيه قوله : «دلوي دونكا» ، فإنّ ظاهره أنّ «دلوي» مفعول مقدّم لاسم الفعل «دونك» ، وهو مبتدأ خبره جملة «دونك» ، أو مفعول به لفعل محذوف يفسّره اسم الفعل الذي بعده ، وكأنّه قال : خذ دلوي دونكا.
(٢) تقدم بالرقم ٨٤.