ما ذهب إليه البصريون ، لأنه لو كان كما زعم الكوفيون لوجد في موضع من المواضع متعدّيا.
والذي أجاز ذلك قياسا ، وهو الكسائي ومن أخذ بمذهبه من أهل الكوفة ، أجاز ذلك في جميع الظروف والمجرورات إلّا ما كان منها على حرف واحد ، نحو : «بك» و «لك». وهذا فاسد ، لأنّ وضع الظروف موضع الفعل إخراج لها عن أصلها ، فلا ينبغي أن تجاوز بها ما يسمع.
وأيضا فإنّ هذه الظروف التي وضعت موضع الفعل ليس فيها من التراخي ما في غيرها من الظروف ، نحو : «قدّام» ، و «وراء» ، و «خلفك» ، و «قبلك» ، فما في هذه الظروف من التراخي يمنع من وضعها موضع الفعل.
ألا ترى أنّك لو قلت : «قدّامك زيدا» ، بمعنى : خذه من قدامك ، لأمكن أن يكون بينك وبينه مسافة لا يمكن معها أخذه ، ولذلك لا يجوز إغراء غائب ، لا يجوز : «عليه زيدا» ، لأنّه لا دليل على الفعل المضمر ، إلّا أنّه قد سمع حرف شاذ : «عليه رجلا ليسني» ، وذلك أنّ إنسانا قيل له : «إنّ فلانا أخذك بكذا» فقال هذا الكلام لعلمه أنّ السامع سيبلغه إلى المغرى.
__________________
اللغة : رجل تيّاز : شديد العضل.
المعنى : إذا أعيت الحيلة الرجل القوي صاحب العضلات قلنا له : على رسلك وهوّن على نفسك.
الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان يتضمّن معنى الشرط متعلق بالجواب. التياز : فاعل لفعل محذوف مرفوع بالضمّة. ذو : صفة (التياز) مرفوع بالواو لأنها من الأسماء الستة. العضلات : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قلنا : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. إليك : اسم فعل أمر بمعنى امسك ، أو تأخّر ، أو خذ. إليك : توكيد للأولى. ضاق : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). به : جار ومجرور متعلقان بـ (ضاق). ذراعا : تمييز منصوب بالفتحة.
وجملة «التياز» : مع عامله المحذوف في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «قلنا» : جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة «إليك» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول). وجملة «إليك» الثانية : توكيد للأولى. وجملة «ضاق» : تفسيرية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «إليك» حيث أشار إلى الاختلاف في المذهبين البصري والكوفي في اعتبارها لازمة أو متعديّة.