حرك بالفتح حملا على التثنية. وذلك فاسد ، لأنّ فيه حمل المفرد ، وهو أصل على التثنية وهي فرع.
وأمّا الحرف والاسم فيجريان على القانون الذي ذكرنا.
ثم نرجع إلى تتبّع الألفاظ المبنية التي ذكرها أبو القاسم في هذا الباب. قوله : فالمبنيّ منها على الضم «حيث» ، و «قبل» ، و «بعد» ، و «قطّ» ، و «أول» ، والمنادى المفرد في الأسماء الأعلام ، نحو : «يا زيد».
هذا الفصل فيه ثلاث سؤالات : لم بنيت؟ ولم بنيت على حركة؟ ولم خصّت بحركة من غيرها؟
فالجواب عن السؤال الأول أن تقول : أما «حيث» إذا كانت شرطا ، فهي مبنية لتضمّنها معنى حرف الشرط ، وإن كانت ظرفا ، فإنها تبنى لشبهها بالحرف في افتقارها ، إذ لا تستعمل إلّا مضافة ، أو في إبهامها كما أنّ الحرف مبهم. وأمّا «قبل» و «بعد» و «أول» فبنيت لشبهها بالحرف في افتقارها لما بعدها ، لأنّها قطعت عن الإضافة ، والمضاف مراد ، فالاسم من طريق المعنى مفتقر للمضاف المحذوف.
وأمّا «قطّ» ، فإنّها تكون بمعنى «كافيك» ، نحو : «قطك درهمان» ، كأنك قلت : كافيك درهمان ، وتكون ظرفا ، نحو قولك : «ما رأيته قطّ» ، أي : فيما انقطع من عمري. فإذا كانت بمعنى «كافيك» ، فبنيت لتضمّنها معنى الحرف وهو لام الأمر ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «قطك درهمان» ، فإنّه في معنى : ليكفك درهمان ، وإذا كانت ظرفا فتبنى لشبهها بالحرف في إبهامها ، لأنّها تقع على كل ما تقدم من الزمان ، كما أنّ «من» إذا أردت التبعيض أتيت بها في كل متبعض.
وأمّا المنادى المفرد فيبنى لوقوعه موقع ضمير الخطاب وهو مبنيّ ، فبني لوقوعه موقعه ، أو لاختلاطه بالصوت ، فصار مع الاسم كأنه حرف يراد به تحريك المنادى.
والجواب عن الثاني أن تقول : أمّا «حيث» ، فبنيت في الأصل على السكون ، ثم حركت لالتقاء الساكنين. وأمّا «قبل» و «بعد» و «أوّل» والمنادى المفرد ، فبنيت على حركة لأن لها أصلا في التمكن والبناء حادث عليها.