وكذلك قطّ ، لأنّها منقولة من القط ، وهو القطع إلى الظرف ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «ما رأيته قطّ» ، فمعناه فيما انقطع من عمري.
والجواب عن الثالث أن تقول : أمّا «حيث» ، ففيها ثلاث لغات : الضمّ ، والفتح ، والكسر. أمّا الضمّ فتشبيها بـ «قبل» و «بعد» ، لأنّها مضافة إلى الجملة ، والإضافة في الحقيقة إنّما هي إلى المفرد ، فكأنّها مقطوعة عن الإضافة. وأما الفتح ، فطلبا للتخفيف أو إتباعا. وأمّا الكسر ، فعلى أصل التقاء الساكنين.
وأمّا «قبل» و «بعد» و «أول» فحركت بحركة لم تكن لها في حال الإعراب ، وهي الضمة ، ألا ترى أنّك تقول : «قبلك» ، و «بعدك» ، و «من قبلك» ، و «من بعدك» ، ولا يجوز الرفع.
وأمّا «قطّ» إذا كانت ظرفا فحركت بالضم تشبيها بـ «قبل» و «بعد» ، ووجه الشبه أنّها تدلّ على ما تقدّم من الزمان كقبل.
والمنادى المفرد بني على الضمّ لشبهه بـ «قبل» و «بعد» في أنّه لا يبنى إلّا في حال الإفراد ، ويعرب في حال الإضافة كـ «قبل» و «بعد».
وقوله : والمبنيّ على الكسر من الأسماء «أمس» و «هؤلاء» ، و «حذام» ، و «نزال» ، وبابه ، وقوله للأمة في النداء : «يا لكاع» ، وبابه ...
في هذا الفصل أيضا ثلاث سؤالات : لم بنيت؟ ولم بنيت على حركة؟ ولم خصّت بتلك الحركة من غيرها؟
فالجواب أن تقول : أمّا «أمس» فبنيت لتضمنها معنى الحرف ، وهو الألف واللام ، لأنّه معرفة بغير ألف ولام ولا إضافة.
والدليل على أنه معرفة وقوعه على اليوم الذي يليه يومك.
وأمّا «هؤلاء» فمبنيّ لشبهه بالحرف في الافتقار إلى المشار أو في الإبهام لأنّ لهؤلاء إشارة إلى كل مشار إليه من الجموع.
وأمّا «حذام» وبابه ، فقد تقدّم الخلاف فيه في باب «فعال» ، وكذلك «نزال».
وأمّا «جير» فمبنيّ لشبهه بالحرف في قلة تصرفه ، لأنّه لم يستعمل إلّا في القسم خاصة.