.................................................................................................
______________________________________________________
وقال المفيد في مسألة المواقيت : إن أخّرها لغير عذر كان عاصياً ويسقط عقابه لو فعلها في بقيّة الوقت. وقال أيضاً : إن أخّرها ثمّ اخترم في الوقت قبل أن يؤدّيها كان مضيعاً لها وإن بقي حتّى يؤدّيها في آخر الوقت أو فيما بين الأوّل والآخر عفي عن ذنبه (١). وظاهره أنها تجب بأوّل الوقت وجوباً مضيّقاً. ونسبه إلى بعض أصحابنا في «الخلاف (٢)». ونسبه في «كشف اللثام (٣)» إلى جماعة من الأشاعرة. ومال إليه الشيخ في «العدّة (٤)» ونصره بالاحتياط وأنّ الأخبار إذا تعارضت في جواز التأخير وعدمه رجعنا إلى ظاهر الأمر من الوجوب أوّل الوقت ، قال : فإن قيل لو كانت الصلاة واجبة في أوّل الوقت لا غير كان متى لم يفعل فيه استحقّ العقاب وأجمعت الامّة على أنه لا يستحقّ العقاب إن لم يفعلها أوّل الوقت. فإن قلتم : إنّه أسقط إعقابه قيل لكم : وهذا أيضاً باطل ، لأنه يكون إغراء بالقبيح ، لأنه إذا علم أنه متى لم يفعل الواجب في الأوّل مع أنه يستحقّ العقاب عليه أسقط عقابه كان ذلك إغراء. قيل له : ليس ذلك إغراء ، لأنه إنّما أعلم إسقاط عقابه إذا بقي إلى الثاني وأدّاها وهو لا يعلم أنه يبقى إلى الثاني حتّى يؤدّيها فلا يكون مغري بتركها وليس لهم أن يقولوا ، فعلى هذا لو مات عقيب الوقت الأوّل ينبغي أن لا يقطع على أنه غير مستحقّ للعقاب وذلك خلاف الإجماع إن قلتموه وذلك لأنّ هذا الإجماع غير مسلّم ، بل الّذي نذهب إليه أنّ من مات في الثاني مستحقّ للعقاب وأمره إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فادّعاء الإجماع في ذلك لا يصحّ ، انتهى كلامه قدّس الله تعالى روحه ونوّر ضريحه. لكنّه في «التهذيب (٥)» حمل كلام المفيد على تأكيد الاستحباب وإيجاب التأخير لوماً لا عقاباً.
__________________
(١) المقنعة : في أوقات الصلاة ص ٩٤.
(٢) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ١٨ ج ١ ص ٢٧٧.
(٣) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٠٤.
(٤) عدّة الاصول : في بيان الأمر الموقّت ص ٩٣ فصل ٢٥ (الطبعة الحجرية).
(٥) تهذيب الأحكام : ب ٤ من أوقات الصلاة ذيل ح ١٢٣ ج ٢ ص ٣٩.