.................................................................................................
______________________________________________________
الفرسخ والفرسخين لا يؤثّر في اختلاف ذلك تأثيراً بيّناً بحيث يترتّب عليه سمت آخر ، وحينئذٍ يلزم من استخراج السمت بذلك الطريق على طرف فرسخ كون الصلاة على ذلك السمت في الطرف الآخر غير صحيحة لعدم كون الكعبة فيه ، انتهى.
وفي «جامع المقاصد (١)» في تعريف التذكرة نظر من وجهين ، الأوّل : أنّ البعيد لا يشترط لصحّة صلاته ظنّه محاذاة الكعبة لأنّ ذلك لا يتّفق غالباً ، فإنّ البُعد الكثير يخلّ بظنّ محاذاة الحرم فيمتنع اشتراطه في الصلاة. الثاني : أنّ الصفّ المستطيل في البلد البعيد إذا زاد طوله على مقدار الكعبة يقطع بخروج بعضهم عنها فيجب الحكم ببطلان صلاتهم. وأظهر من هذا من يصلّي بعيداً عن محراب النبي صلىاللهعليهوآله بأزيد من مقدار الكعبة فإنّ خروجه عن محاذاتها مقطوع به.
وأورد على تعريف التذكرة في «روض الجنان (٢)» إيرادين ، الأوّل : أنّ العبارة فاسدة. والثاني : ما ذكره المحقّق الثاني ثانياً. ثمّ قال : فإن قيل القطع بخروج بعض الصفّ متعلّق بأفراد المجموع على الإشاعة لا على التعيين فلا ينافيه ظنّ كلّ واحد على التعيين أنه مستقبل. وأجاب بأنّ الظنّ لا بدّ من استناده إلى أمارة شرعية وهذا القطع ينافيه. ثمّ قال : ولو قيل بأنّ هذا لا يتحقّق مع البُعد ، لأنّ الجرم الصغير كلّما ازداد الإنسان عنه بُعداً اتّسعت جهة المحاذاة فيمكن محاذاة العشرة للشخص الواحد فليكن الصفّ المستطيل كذلك. وأجاب بأنّ هذا تحقيق أمر الجهة دون المعنى الّذي ذكره ، إذ التحقيق أنّ محاذاة القوم للجرم الصغير عن موقفهم ليست إلى عينه وإن أوهم ذلك لأنا نفرض خطوطاً خارجة من موقفهم نحوه بحيث تخرج متوازية فإنّها لا تلتقي أبداً وإن خرجت إلى غير النهاية ، والعلامات المنصوبة من الشارع تقتضي بعدم اعتبار ذلك ، انتهى.
قلت : إنّ ما يتبادر من تعريف التذكرة ليس مراداً للمصنّف قطعاً ، لأنه بديهيّ البطلان وهو أجلّ من أن يختار ما هو جليّ الفساد ، بل المراد من كلمة «ما» الواقعة
__________________
(١) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٤٨.
(٢) روض الجنان : في الاستقبال ص ١٨٩ س ٢٨.