.................................................................................................
______________________________________________________
مسجد الكوفة كان الجدي على منكبه بهذا المعنى كما شاهدناه.
وقد نصّ على ذلك الشهيد الثاني (١) قال : لأنّ الكوكب في غاية ارتفاعه يكون على دائرة نصف النهار ، فيكون حينئذٍ جعل الجدي على الكتف موجباً لاستقبال نقطة الجنوب وكون المشرق والمغرب على اليمين واليسار ، فإذا جعل خلف المنكب كان الوجه منحرفاً عن نقطة الجنوب نحو المغرب وسمت قبلة الكوفة وبغداد والمشهدين والحلّة يميل عن نقطة الجنوب ميلاً بيّناً لزيادتها على مكّة المشرّفة طولاً وعرضاً وهو موجب لذلك ، وممّا يدلّ عليه محراب مسجد الكوفة الّذي صلّى فيه الأئمّة صلوات الله عليهم. ومثل ذلك قال المولى الأردبيلي في «آيات أحكامه (٢)» وتلميذه (٣).
وهو يوافق قول الصادق عليهالسلام في مرسل «الفقيه (٤)» : «اجعله على يمينك وإذا كنت في طريق الحجّ فاجعله على كتفيك» ولا ينافيه قول أحدهما عليهماالسلام في خبر محمّد (٥) : «اجعله في قفاك وصلّ» لأنه ينطبق عليه بنوع من التأويل.
نعم ، إن قلنا إنّ المنكب ما بين الكتف والعنق كما في «نهاية ابن الأثير (٦) وإرشاد الجعفرية (٧)» كان هناك انحراف إلى جهة اليسار ، لكن قال الشيخ نجيب الدين : لا دليل على هذا التفسير. وقد تعجّب الأردبيلي من المحقّق الثاني حيث فسّر المنكب بالتفسير الثاني وقال (٨) : إنّه موافقة لقبلة مسجد الكوفة ، لأنه إذا وضع الجدي خلف الكتف الأيمن كانت قبلة مسجد الكوفة متيامنة ، فلا توافق بينهما.
__________________
(١) روض الجنان : في الاستقبال ص ١٩٧ س ١١ ٢٥.
(٢) زبدة البيان : في القبلة ص ٦٦.
(٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٢٨ ١٢٩.
(٤) من لا يحضره الفقيه : باب القبلة ح ٨٦٠ ج ١ ص ٢٨٠.
(٥) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب القبلة ح ١ ج ٣ ص ٢٢٢. وفيه «وصلّه» بدل «وصل».
(٦) نهاية ابن الأثير : ج ٥ ص ١١٣ مادة «نكب».
(٧) المطالب المظفّرية : في القبلة ص ٧٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).
(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في الاستقبال ج ٢ ص ٧٤.