.................................................................................................
______________________________________________________
الكوفة ، لأنه لا يعدل عن العلم إلى غيره. مع أنّ محاريب مساجدها منصوبة على جعل الجدي خلف الكتف الأيمن وأعظم شاهد على ذلك قبول الأئمّة صلوات الله عليهم والمسجد المنسوب إلى مولانا الهادي عليهالسلام في سرّ من رأى شرّفها الله تعالى فإنّه منصوب على جعل الجدي على الكتف. وأنه قد روي في بعض الأخبار (١) أنّ قبلة مسجد الكوفة غيّرت عن قبلة نوح عليهالسلام. وأنّ بعض الأجلّاء الأعلام (٢) قال : إنّ الوجه في استحباب التياسر أو وجوبه لأهل العراق أنّ قبلة مسجد الكوفة متيامنة وبقية المساجد تابعة له والتقية منعت عن التصريح بذلك فورد الأمر بالتياسر لأهل العراق تنبيهاً على ذلك بأحسن وجه.
وقد يجاب عن الأوّل (٣) بالتزام الوجوب ولا ضير فيه مع موافقته لجعل الجدي على المنكب الأيمن لا الكتف. قولك : إنّ محاريبها جميعاً على خلاف ذلك ، قلنا : إن سلّم فالوجه فيه ما اشتهر بين الأصحاب من وجوب التياسر أو استحبابه. وأمّا قبور الأئمّة صلوات الله عليهم فشأنها لمكان التصرّف في البنيان والشبابيك شأن المساجد بل الحضرة الشريفة في سرّ من رأى وشبّاكها والسرداب الشريف على خلاف الجهة قطعاً وما ذاك إلّا لمكان التصرّف في البنيان المستحدث ، وأمّا قبل ذلك فقبورهم بإزاء الكعبة قطعاً ، لأنّ المعصوم لا يدفنه إلّا معصوم. وأمّا مسجد مولانا الهادي عليهالسلام فلم يشتهر أنه نصب محرابه أو صلّى فيه كما اشتهر ذلك في مسجد الكوفة فلا معارضة. سلّمنا ولكن نقول : لعلّ وقوعه بإزاء الكعبة في الموضع المذكور إنّما يلائم وضع الجدي على الكتف كما أنّ وقوع مسجد الكوفة بإزاء الكعبة إنّما يلائم وضعه على المنكب ولا مانع من ذلك ، على أنّ في الأوّل كفاية في رفع المعارضة. وأمّا ما ورد في بعض الأخبار ففيه على إجماله وعدم ذكره في الكتب الأربعة أنه لا يقوى على مقاومة ما أخبر به جماعة من أجلّاء الأصحاب كما سمعت مع انطباق نقلهم على العلامة المشتهرة بينهم أعني جعل الجدي خلف
__________________
(١) كتاب الغيبة للطوسي : ص ٢٨٣.
(٢) بحار الأنوار : في القبلة ج ٨٤ ص ٧٧.
(٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٢٨ ١٢٩.