.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا على القول الآخر ففي الأخبار (١) بلاغ. ويرد على هذا الأخير أنّ قول الصادق عليهالسلام في خبر حمّاد «إن استطعتم أن تخرجوا فاخرجوا ، فإن لم تقدروا فصلّوا قياماً ، فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعوداً (٢)» لا يمكن حمل الأمر فيه على الاستحباب كما صنع صاحب «المدارك (٣)» وغيره (٤) ولا حمل النهي في خبر علي ابن إبراهيم (٥) على الكراهة ، لأنّ ظاهر الروايتين أنّ الحكم بالخروج لأنّ المصلّي ليس متمكّناً من القيام ، لأن كان في معرض عدم التمكّن ولذا قال عليهالسلام : «يصلّي جالساً إن لم يمكنه القيام». ولا ريب أنّ القيام من الواجبات اليقينية للصلاة بل هو ركن جزماً فكيف يمكن ترك الأمر اليقيني بأخبار آحاد؟ يظهر منها أنّ السؤال والجواب إنّما وقعا بالنسبة إلى كون الصلاة في السفينة من حيث كونها في السفينة لا في الأرض ، وليس ذلك من جهة عدم التمكّن من القيام وغيره من الواجبات ، فلو جعل هذا الإطلاق عامّاً لزم ترك كثير من الواجبات اليقينية مع التمكّن من فعلها وعدم باعث على تركها سوى أنه اختار إيقاع الصلاة في السفينة وذلك في غاية الإشكال. فالأولى صرف كلامهم عن ظاهره وحمله على التمكّن من استيفاء الأفعال.
فإن قلت : الأخبار الّتي دلّت على الجواز يمكن حملها على ما إذا كان في الخروج مشقّة وإن كان البرّ قريباً أو على الصلاة في السفينة حين وقوفها وصلاة نوح عليهالسلام لم يعلم أنها كانت حال عدم الاستقرار. قلت : على تقدير تسليم ذلك. وما كان ليصح ، نقول إنّما يتوجّه ذلك في خبري جميل (٦) دون غيرهما من الأخبار وضعف سندها تجبره الشهرة أو الإجماع.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ١٣ من أبواب القبلة ح ٨ و ١٤ ج ٣ ص ٢٣٤ و ٢٣٥.
(٢) وسائل الشيعة : ب ١٤ من أبواب القيام ح ١١ ج ٤ ص ٧٠٧.
(٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٤٦.
(٤) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٦٤.
(٥) وسائل الشيعة : ب ١٣ من أبواب القبلة ح ٨ ج ٣ ص ٢٣٤.
(٦) تقدّم سابقاً في ص ١٠٧ هامش ٥٠ و ٥١.