.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك حيث قالوا : إنّ الجهات تكون متقاطعة على زوايا قوائم لمكان التبادر والاحتياط. وقال الشيخ نجيب الدين : لو كان عليه صلاتان فالظاهر جواز صلاة الثانية إلى أربع جهات تخالف جهات الاولى وهذا صورته الظاء ظهر والعين عصر. وفي البيان (١) هل يجب في الأربع اقتسامها الجهات على خطّ مستقيم؟ يحتمل ذلك ، لأنه المفهوم منه ، ويحتمل إجزاء أربع كيف اتّفق ، لأنّ الغرض إصابة جهة القبلة لا عينها وهو حاصل. نعم ، يشترط التباعد في الجهات بحيث لا يكون بين الجهة الثانية والاولى ما يعدّ قبلة واحدة لقلّة الانحراف ، انتهى. وهو خيرة «كشف اللثام (٢)». وفي «المدارك (٣)» أنه غير واضح. وضعّفه في «المقاصد العلية (٤) وروض الجنان (٥)» بمنع إصابة الجهة بالصلاة إلى الأربع كيف اتّفق وعدم إمكان رفع احتمال كون القبلة المطلوبة بين جهتين ، لأنّ القبلة لا تنحصر في الأربع عندنا ولا في عشر وإنّما اكتفى الشارع بالأربع لا لاستلزامه إصابة العين أو الجهة بل لما ذكرناه من أنها إذا وقعت على الاستقامة استلزمت إمّا الإصابة أو الانحراف إلى ما لا يبلغ حدّ اليمين أو اليسار. وإنّما يتوجّه ما ذكر في البيان على مذهب بعض العامّة حيث جعل المشرق قبلة أهل المغرب وإن صلّوا إلى منتهى خطّه ، وبالعكس كذلك ، وكذلك القول في الجنوب والشمال ، فالجهة عندهم منحصرة في الأربع جهات ، وأمّا عندنا فلا يتوجّه ذلك ، انتهى.
قلت : اللازم من ذلك عدم الاجتزاء بالأربع وإن وقعت على الخطّ المستقيم ، لجواز كون القبلة المطلوبة بين الخطّين ، إلّا أن يقال : إنّ وجوب ما زاد اندفع بالنصّ على الاجتزاء بالأربع ، ولو لا ذلك أمكن القول بعدم الاجتزاء بالأربع ، فكان الاقتصار عليها رخصةً من الشارع وإن لم يصادف إحداها القبلة كما اجتزأ بالصلاة مع تبيّن الانحراف اليسير.
__________________
(١) البيان : في القبلة ص ٥٥ ٥٦.
(٢) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٧٤.
(٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٨.
(٤) المقاصد العليّة : في القبلة ص ٩٦ س ١٩ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ٨٩٣٧).
(٥) روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ١٩٤ س ١٧.