.................................................................................................
______________________________________________________
والرحمة هي رقّة القلب وانعطاف يقتضي الإحسان ، فمعناها فيه سبحانه إمّا إرادة الإحسان أو الإحسان نفسه فهي على الأوّل صفة ذات ، وعلى الثاني صفة فعل ، وعلى التقديرين مجاز مرسل في إرادة الإحسان ، أو الإحسان إطلاقاً للسبب على المسبّب ، وقد يجعل إجراءها عليه سبحانه بطريق التمثيل فلا حاجة حينئذٍ إلى التجوّز على التجوّز.
وفي «جامع المقاصد» المعروف والشائع أنّ الصلاة لغةً الدعاء ، وقد صرّحوا بأنّ لفظها من الألفاظ المشتركة ، فهي من الله سبحانه الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الآدميّين الدعاء. وزاد في القاموس حسن الثناء من الله تعالى على رسوله صلىاللهعليهوآله. قال : ولعلّه من الاستعمال المجازي لتضمّنه معنى الرحمة ، لأنّ كتب اللغة تجمع الحقيقة والمجاز من غير تمييز غالباً. قال : وفيه * : إنّها عبادة فيها ركوع وسجود ، وهذا هو المعنى فيكون حقيقة لغوية. وحكي في الجمهرة عن بعضهم أنّ اشتقاقها من رفع الصلاة في السجود وهو العظم الّذي عليه الاليتان فهي فعلة من بنات الواو أو من صليت العود بالنار أي ليّنته ، لأنّ المصلّي يليّن قلبه وأعضاءه بخشوعه فهي من بنات الياء. والمشهور على ألسنة العلماء أنّ المعنى الشرعي ليس بحقيقة لغة ، ولهذا عدّه الاصوليون في الحقائق الشرعية الّتي هي مجازات لغوية وهو الّذي تشهد به البديهة ، لأنّ أهل اللغة لم يعرفوا هذا إلّا من قبل الشرع ، فذكرهم لها في كتبهم لا يقتضي كونها حقيقة ، لأنّ دأبهم جمع المعاني الّتي استعمل فيها اللفظ ، ولا يلتزمون الفرق بين الحقيقة والمجاز (١) ، انتهى كلامه ، لكن الظاهر أنها منقولة بالتعيين.
وفي «الذكرى (٢)» أنّ أهل اللغة أوردوا الصلاة بمعناها الشرعي جاعليه أصلاً.
__________________
(*) أي في القاموس.
__________________
(١) جامع المقاصد : كتاب الصلاة ج ٢ ص ٥.
(٢) ذكرى الشيعة : ج ١ ص ٦٥.