فتحها من الله تعالى والاتمام لخيرهم نفلا وفرضا ، فحصل المصاف بناحية عسة سيدي شعبان ، وكثر القتل وحمى الوطيس وظهر الشجاع من الجبان ووقع بين الفريقين القتال العظيم ، وافترق المسلمون على وهران ما بين خنق النطاح ورأس العين وغيرهما من أرباضها بالتلتزيم ، وجال الأمير في هذه الواقعة وصحبته الحاج المزاري بأرباض وهران إلى أن صعد لهيدور إلى أن حاذى المايدة بغاية الإتقان فقال المزاري في الأمير هذا هو الرجل الشجاع ، ولا ريب أنه يكون منه ما يكون إن دام بهذا المصراع ، ودام القتال الشديد الأكبر ، بين الفريقين إلى أن مات تحت الأمير فرسه الأشقر ، ونادى جهرا للإعانة لما سقط بين الصفوف ، فأنقذه الحشم فورا من يد العدّو وأتوه بفرس آخر فركبه بين الصفوف ، وتعجّب النصارى من فروسيته وشجاعته وبسالته وبراعيته ، وانفصل القتال بين الفريقين ، ورجع كل لمحلّه بغير المين ، وإلى هاتين الواقعتين أشار السيد الحاج عدة بن علي الشريف المذكور في عروبيته بقوله:
أبديت نشدي باسم الجليل بالحاضر |
|
والصلاة على النبي بالسامعين |
شفيعنا بكلتوم الصادق المنوّر |
|
والرضى لأصحاب عشر الفايزين |
بعد صليت على النبي نعود نشكر |
|
في الفارسين الّي خلعو الكافرين |
ابطال وكد خلّوا جيش العد مدمّر |
|
ما يملوش الحرب لبدو العين |
إلى آخر القصيدة.
وكانت هذه الواقعة في حادي عشر نونبر (كذا) من العجمية المسطورة ، الموافق لعشرين رجب من العربية المزبورة (١٨٥) وإلى هؤلاء الوقائع (كذا) أشار الأمير / في قصيدته الواوية التي من بحر الطويل بقوله :
ونحن سقينا البيض في كل معرك |
|
دماء العدا لمّا وهت منهم القوى |
ألم تر في خنق النطاح نطاحنا |
|
غداة التقينا كم شجاع لهم لوى |
وكم هامة ذاك النهار قددتّها |
|
بحدّ حسامي والقنا طعنه شوى |
__________________
(١٨٥) يقصد شهر نوفمبر عام ١٨٣٢ م وهذا يوافقه ١٧ جمادى الثانية وليس رجب من عام ١٢٤٨ ه.