رجع لتافنة محل الخوف ، ليزيل ما به من الرعب والخوف ، وفي سادس جوان من تلك السنة رسّ البابور بالجند القادم للنصرة وإزالة الشرور ، ففرح الناس بذلك بعد ما كانوا في أشد الجوع والتعب والألم ثلاثة من الشهور ، وكان رايس (كذا) المحلّة الواردة الجنرال بيج (٢١٨) فنزلت بتافنة لنيل الفرح والسرور ، وفي ثاني عشر جوان خرجت المحلّة من الحصار ، وزال ما بها من الضنك وفازت بقضاء الأوطار ، وبعد استراحة الجيش أياما رجعت المحلّة لوهران مع الطريق القديمة التي مرّت عليها محلّة الجنرال دارلانج المذكور ، وكان ذهابها ليلا على ولهاصة في المسطور ، فبنفس صدودها من تافنة بدأها العدوّ بالمقاتلة وكثر عليها بالواد العازر ، وفي صباح الغد تشجعت المحلّة وتجهدت للقتال ونيل الوطاير ، وبرز للعدّو الشجاع مصطفى بمخزنه وشفى بقتاله العليل وأبرد الغليل وقتل منه خلقا كثيرا بالمشاهر ، ومات (كذا) من المحلّة نحو العشرين ولا لحقها خوف ولا ضنين ، فلله درّ المخزن بأعيانهم سيما ما ولد إسماعيل ، فلقد كان العدّو بين أيديهم يتقلّب كالزروز خوفا أن يكون في العذاب الجليل ، قال ومن ذلك اليوم بدأ العدّو في النقص مما كان فيه من التزايود (كذا) ، وفي سادس عشر جوان دخلت المحلّة وهران في أمن وأمان ولم يتكلم فيها بعد ذلك وجه واحد من البارود.
ثمّ بعد يومين أمر / الجنرال بيج (بيجو) بإحضار خمس أو ستمائة دابة من المخزن لحمل الأثقال فأتته وحمل أثقاله وخرج بمحلته والمخزن أمامه من وهران ، فمرّ بالكرمة وتليلات وأولاد علي وما بعدهم من بلاد بني عامر إلى أن دخل تلمسان في اليوم الرابع والعشرين من جوان ، وألفى المحلّة التي تركها عسّة في غاية الراحة ولا يخصها إلا الزاد ، وقال مرطبلي : ألفى الثغر محصورا ولا علم لأحد بذلك في غاية المراد ، فذهب بمحلّته لتافنة ليأت (كذا) لها بالزاد ، قال مرطبلي ولا يظن أحد أن برّ الجزائر ليس به رجال ولا أبطال ، وإنما
__________________
(٢١٨) يقصد بيجو : Bugeaud. وكان من المفروض أن يكتب الواو بعد الجيم ولكنه يهمل ذلك كما في : بن يخّ ، وبني عدّ ، وحمّ. وأشرنا إلى هذا في مقدمة الكتاب ، وفي المقصد الرابع.