به ما لا يحصى ولا يعد من الأبطال والرجال ، ولولاهم لم يفسد هذا الوطن على الأمير ولا يملكه أحد بالعنان والنصال ، قلت ومراده بذلك المخزن ، الذين بهم تعز الدولة أو تهن. وفي الغد أتت المحلّة إلى يسر ، وكان يوما شديد الحر ، وهجمت في ثلث الطريق فرسان الأمير على مؤخر الجيش ، وكثر الصياح بصواعق الطيش ، وهجمنا على العدّو ومعنا مصطفى بمخزنه ، وتزايد العدّو ولا زال عن وهنه ، ولا زال القتال متزايدا بين الفريقين بغاية ما كان إلى أن دخل الجنرال بجيشه مدينة تلمسان ، وكان صدود المحلّة من تافنة لتلمسان ، في رابع جليت (كذا) من السنة المذكورة ، وفي عشية ذلك اليوم خرج جيش الأمير على ثلاث بطيونات (٢١٩) الذين في رئاسة الكولونيل كومب وشدد عليهم بأحواله المشهورة ، فارتحل الكولونيل بجيشه في أول النهار خفية وسار إلى أن نزل بسبعة شيوخ ، على مسافة نحو العشرة كيل ميتر (كذا) من موضعه الأول المرسوخ ، ولم يخلص من ذلك الجيش إلا بالمحلّة التي كانت تأتي من تافنة بالزاد المرضوخ ، فإنها وصلتهم بعد ساعة من نزولهم بسبعة شيوخ ، ومن الغد بعث ألفي فارس ليمين الواد ، ونزل هو بجيشه أسفل المحلّة نحو الأربعة كيل ميتر بتحقيق المراد ، وحصلت المقاتلة الشديدة بين الفريقين فانجرح مصطفى بن إسماعيل برصاصة من خنصر يمناه إلى أن تكسرت بغير المين.
قال باش آغة ولد قادي في حكاياته ولم يتضعضع مصطفى من ذلك بل لا زال يقاتل على ذلك الحال ، ولما همّوا بمعالجته أبى وقال الدّماء حنّاء الرجال ، وزاد العدّو في هجومه وزاد جيش الدولة في ضربه بلطومه ، إلى أن مات وانجرح من جيش الدولة ثلاثين نفرا ، وأخذ من جيش الأمير مائة وخمسون أسرا (كذا) وبعد المقاتلة جمع الجنرال المحلّة وقام فيهم خطيبا ، فمدح مصطفى ومخزنه الذي قدره أربعمائة فارس ترتيبا / وذكر في خطبته إسماعيل ولد قادي الذي جرح في خامس عشرين إبريل المار ، وكان في خامس جليت (كذا) من المتقدمين في الصف الأول إلى إتمام القتال بالاشتهار ، وقد كان السرسور موجودا فهرب العدّو وترك مجاريحه وموتاه ، وبعد القتال بعث الجنرال بيج على
__________________
(٢١٩) يقصد كتائب من الكلمة الفرنسية : Bataillions بصيغة الجمع.