وضيق مساحة بما ليس من مزيد ومواشي الدواير والزمالة قد ضاعت لهم بغاية النفاذ ، لقلة الخصب والكلأ وهي تحت حيطان البلاد ، وهم معنا في الضيق الشديد ، والحصار الذي بلغ الغاية في المزيد ، وفرسانهم مع سيدهم مصطفى مكابدين على القتال ، وقد ظهرت شجاعته حال المبارزة والنزال وكان مسندنا عليه في غالب الأحوال ، فلقد شاهدناه بأنفسنا بجيشه في الغاية الصغيرة مبارزا للجيوش الكثيرة ذات الوبال ، وأعانته خيالتنا من السرسور الثاني ، وقد كان العسكر قريبا منهم ولو أحاطت بهم تلك الجيوش لهدمت لهم ساس (كذا) المباني.
وفي الثالث مارس من العام المذكور ، هجم البوحميدي خليفة الأمير بتلمسان على المشور على الدواوير وهم بقرب المرسى الكبيرة ، فلم يلحقه منه ضرر ودفعوا (كذا) عن أنفسهم بغاية التحرير وفي خامسه هجم عليهم غفلة وهم بمسرقين فلم يخلصوا منه إلا بالتعب الشديد والعذاب المهين ، وكان الكورينيل (٢٢٤) يوسف العنابي بناحية تنسانمت ، فأتاهم للإغاثة واشتد القتال إلى أن مات من السبايسي خمسين ورجع الأمر للفايت.
وفي سابعه جاء البوحميدي بجيشه من الألفين إلى الأربعة آلاف حاركا لأخذ غنم الدواير والزمالة وهم بين مسرقين والمرسى الكبيرة ، وقد جمع هذا الجيش بالوادي المالح في القول الشهير ، فخرج له مصطفى بمخزنه المؤيد بالنصر وقاتله إلى أن رجعه لورائه هاربا ، وللنجاة من فتك المخزن به طالبا.
وفي عاشره جمع البوحميدي أيضا جيشا كبيرا ما بين أولاد سيدي يحيى وغيرهم ونزل به في سيدي عبد الله بن ابركان من أولاد الزاير وصار يختلس به كأنه السامت (كذا) ولم يشعر المخزن به إلى أن صبحهم في الثاني عشر من ذلك الشهر وهم بتنسانمت ، فقاتلهم شديدا واجتز منهم سبعا وأربعين رأسا ، وذهب مسرورا وترك المخزن تعسا.
وفي الرابع عشر منه جاء البوحميدي أيضا بجيوشه فاجتمع بالمحلة ومعها
__________________
(٢٢٤) يقصد : الكولونيل من الكلمة الفرنسية : Colonel.