بغّال ونزل بواد الروافع وأقام به يومين ، وأمر برد ما نهبه كل واحد لصاحبه فرد بغير مين ، وبه أتاه نجع الدروع بفرس من عتاق الخيل قادة للإذعان ولما سمعوا بأخذ محلة الدولة له نكثوا في الإذعان ، فغزاهم وأخذهم أخذا وبيلا ، إلى أن ترك عزيزهم ذليلا ، ثم ارتحل ونزل بثلاثاء الطايد في أمليل من بلاد فليسة ، وهو جبل جرجرة من بلاد زواوة وأقام بها ثلاثة أيام وذهب لضريح سيدي محمد بن عبد الرحمان الجرجري فزاره لإزالة ما به من التفليسة.
ولما سمع بمحال المريشال وهو رايس الجزائر نزلت بتمضيقت ورامت فوزة ، رحل من ثلاثاء الطايد ونزل على بني أبي معزة ، وتهيأ للحرب وسأل من المريشال الخروج معه للبراز ، فأبى المريشال ذلك وقال هذا الفعل انقطع منذ أمد جاز ، فلم يقع قتال في تلك المرة ولا حصل لفريق منهم شيء من المعرة. وفي هذا المنهل جاءه الخبر من عند خليفته البوحميدي بأن دائرته انتقلت من صبرا ونزلت بعين زورا ، وأن الحشم وبني عامر والجعافرة ذهبوا بأهلهم للمغرب وجعلوا أمرهم بينهم شورى. وأن ابني عمه أحمد بوطالب والمولود بوطالب وآغته المولود بن عراش ، ذهبوا بأهلهم إلى فاس وتركوا المكث معه سائلين للاقتراش وأن المكاتب تكررت من عند الدولة لسلطان الغرب مولاي عبد الرحمان على أخذ الأسارى الذين بالدائرة رغما عليها واطراد الدائرة من طاعته لأن أميرها قد أكثر الفساد بالمشرق وإن أبى لا بد من حربه بالإعلان ، وأن أهل الدائرة لما تحققوا بذلك جزموا بقتل هؤلاء الأسرى لينفصم الحبل وتحصل الراحة من النفقة وذلك صحبة المكاتب التي بعثتها الدولة للغرب ولما اتصلت بيد الوزير سي محمد بن إدريس / بعثها لخليفة الأمير للشفقة ، ولما قرأها الأمير تأسف وقال يا عجبا من الدولة كيف تكاتب أهل المغرب بذلك ، وهو لا طاقة له على شيء من ذلك فكان المراد منها تكاتبا على ما تحبه. وأما سلطان المغرب فهو جالس على كرسيه سائلا للنجاة من المهالك. ثم كتب لخليفته البوحميدي كتابا ، مضمنه أما الذين ذهبوا من عندنا لغيرنا فلا نفع في بقائهم ولا ضرر في ذهابهم ولا نزيدك على هذا جوابا. وأما كون سلطان المغرب يأخذ من أيدينا الأسارى قهرا ، ويطردنا من بلاده وطاعته جهرا ، فلا طاقة له على شيء من ذلك وإنما أمره وأمر الأسارى وسائر الخلق بيد الله تعالى الواحد المالك.