وبعد أمد قدم أولاد بالغ وبنو مطهر ونزلوا بالتل مع الأغواط ، وانضاف إليهم أولاد عبد الله الذين لم يفروا لمجاورتهم للدواوير وهم معهم في الاختلاط. وفي ديسانبر من سنة ستة وأربعين وثمانمائة وألف جعلت الدولة قدور ولد عدة البحثاوي الذي هو قريب النسب لآغة مصطفى وابن أخيه الحاج المزاري آغة على بني مطهر وأولاد بالغ بتاسالة ، وكان رجلا شجاعا له نجدة كثيرة وشدة وحزم موصوفا بالبسالة فرضوا به وفرحوا ، وسيسهم بسيرته الحميدة إلى أن نجحوا.
وفي مدة ستة أشهر من توليته اجتمعت عليه منهم أربعمائة خيمة ، وركب منهم مائتا فارس وأزال عن كل منهم ما كان به ضيمة وحل بملاتة وأهلها العافية والراحة وحصل ببني مطهر وأولاد بالغ السرور والفراحة وشرعت الدولة في غزو أعراش الصحراء وبانت نجاحة آغة قدور ولد عدة فأمن أهل التل وصار يغزو بجيشه أمام جيش الدولة وتارة وحده على أهل الصحراء وصار الأمير بالمغرب في الزيادة إلى أن امتدت دايرته لملوية وأهلها في الانقيادة ثم أنه غاب بالمشرق غيبته الطويلة فقتل أهل دائرته ما عندهم من عسكر النصارى الذي / أخذ في واقعة سيدي إبراهيم وتموشنت (كذا) ولم يخلص من القتل إلا الفسيانات والكماندار (٢٦٤) وكان ذلك فعلا ذميما من الدائرة عند العبيد والأحرار. وقد مر الكلام على قتل هؤلاء الأسارى وتأسف الأمير عليهم سرا وجهارا. ولما سمع الجنرال كافنياك بقتل جيشه الأسير وهو بتلمسان أراد الذهاب بجيشه لأخذ الثأر من أهل الدائرة ويدخل في حدود المغرب في السر والإعلان ، لكون سلطان المغرب ليست له طاقة ولا يستطيع للأمور الشاقة لأنه تأخر لما نظر لأمر الصلح الواقع بطنجة بين سلطان المغرب والدولة وأنه يطرد الأمير من بلاده ويزيل ما له من الصولة.
ثم أن الأمير ظهر له في التوجه بجيشه لناحية الصحراء بعد ما أيس من الجهة الشرقية في واقعة شورار جهرا ، فغزى حميان في وقت الربيع سنة ستة وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لسنة ثلاث وستين ومائتين وألف وقد جد لهم
__________________
(٢٦٤) يعني الضباط والحكام من الكلمتين الفرنسيتين : Commandants ,Officiers.