السير فلم يحصل على طائل ورجع لدائرته في غاية الطائل.
ثم أخذ الفسيانات (كذا) والكماندار (كذا) ، وبعثهم لمليلية ليبعثوا لافرانسا بالعز والافتخار وفي رواية أنه ذهب بهم بنفسه لمليلية في خمسمائة فارس من الجيش ، ومعه خلفاؤه وهو على فرسه الأصفر المزيل للطيش. وحصل بينه وبين الاسبانيين مداخلة ومخالطة ، ورجع لدائرته وهي بعين زورا من بلاد المطالسة بغير خلاف ، ثم رحل منها ونزل بحمار العرعار المعروف بواد زلاف ، فأقام به أيام ثم ارتحل ونزل ببلاد بطيوة بالبيان. وأقام أمدا ثم ارتحل ونزل بسيدي وردان ، فمكث به أمدا وفي وقت الربيع بعث خيالته وأهل الدائرة بخيولهم وجميع دوابهم إلى واد قارت ، لكثرة خصبه وبقيت الدائرة بما فيها من الأعيان والعسكر مفترقة حللا مطمئنة وفي أمر المغرب حارت ، فبينما الأمير غافلا وإذا بسلطان المغرب مولاي عبد الرحمان جهز جيشا لقتاله ونفيه من بلاده تحت رئاسة باشته هشام الأحمر مشتملا على تسعة آلاف مقاتل فنزل بمدشر تفرسيت من مداشر الريف ومكث أياما بالبيان فتنافس الكلام بأنه جاء لأخذ الدائرة ونفيها وقبض الأمير وقتله ، فسمع بذلك طالبان من الغرابة أحدهما يقال له الحاج محمد بن أبي خالفة من دوار أهل العيد بتصحيح نقله والآخر يقال له سي الأخضر بالقاضي من دوار العمايمية كانا متزوجين هنالك. وكان سي الأخضر شجاعا والحاج محمد ذا رأي وتدبير فجاءا للأمير وأخبراه بذلك. ولما تيقن الأمير لكلامهما خزنه في سويداء قلبه وسكت. ولما سمع الأحمر بانتشار الخبر نهى الناس عن ذلك ودس الخديعة ومقت ، وصارت المكاتبة بينه وبين الأمير متداولة على التوافق وكل منهما من صاحب على حذر والخيالة لا زالوا بقارت في القول الأشهر.
ثم إن الأحمر انتخب من جيشه كتيبة تشتمل على خمس مائة فارس مقاتل من الأنجاد ، وبعثهم ليلا للدائرة وأمرهم بأن يجعلوا أنفسهم زائرين إذا وصلوا لخيمة الأمير فإذا ظفروا به حيا يأتونه به وإلا قتلوه وأتوه برأسه لأن الحرب خدعة وبه يبلغ للمراد ولكم عنده الاحترام والتوقير ، فجاءوا بقصد ذلك وهم في الطمع بالظفر في الفرح الكثير ولما / وصلوا للدائرة كان وقوفهم نهارا على خيمة الجيلاني ولد السايح القصيري في حلته ، لأنهم رأوها بيتا من الشعر كبيرة