أرادوا الرجوع للدائرة وقد كانوا في غاية الراحة والتوفير ، فشرعوا في نهب الأموال وحرق الأندر والأشجار وقطع السبل ووقع ذلك منهم من الكبير والصغير. ولما سمع سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان بذلك ، أمر القبائل كأولاد جامع والشراقة وغيرهما من القبائل والبرابر بالتسلط عليهم لذلك. فتسلطوا عليهم بالأخذ والقتل والأسر والسبي والإجلاء في كل زمان ومكان ، فحل بهم ما وقع ووقعت لهم الإهانة الكبيرة وشأن العز والذل يتعاقبان. ولما وصل للدائرة من خلص منهم كان ذا مال أم لا أكرمه الأمير بما عنده وصار في عز وعلو كلمة ، بعد أن كان في ذل وإهانة.
ثم انتقل الأمير بدائرته من سيدي وردان ونزل بكهف سيدي الحاج بالغربة بلا نكث. فمكث أياما ثم ارتحل ونزل بقصبة سلوان ويقال له أوزيّ وهي عين تخرج من جبل كبدرانة وتصب في واد سلوان ومكث. فبينما هو في ذلك المكان وإذا بطالب اغرسي كان متزوجا بمزوجة (كذا) أحد بطون قلعية جاءه فورته ، وقال له أيها الأمير إن الوطن والإنافة لم يدعيا لي صبرا على ما سمعته ، وذلك أن قبائل الريف الشلحية / من بني يزناسن إلى صنهاجة الأخماس ، قد اتفقوا مع سلطانهم مولاي عبد الرحمان ابن هشام على قتلك ونهبك وسبيك واجلائك من رعيتك بالعلانية والاختلاس ، وأنه سيجهز جيشا عظيما لنظر خليفته ولده مولاي محمد يقدم به لقتالك ، وأن قلعية هم الذين يبتدئون (كذا) كما ستراه بقتالك ، فقال له الأمير جزاك الله خيرا ، وأعد لك مثوبة وأجرا ، فإني لا أكذب طلبة المشارقة في قولهم من قضية الأحمر ، ولا أنسا (كذا) خيرهم معي في واقعة سيدي إبراهيم وما سمعته الآن منك وواقعة الأحمر ، وأنه لم يكن لي صدوق من طلبة الشلح إلا الفقيه السيد جدّ بن محمد التمساني (كذا) ، وغيرهم أعداء لا خير فيهم ولو كان البعض فيهم أصله تلمساني. وكان الأمير قد أراد القبض على الفقيه السيد محمد الحضري السعيدي لما سمع بأنه يغري (كذا) أهل الريف على الفتك به. فوجده هرب لمدينة تيطاون لما بلغه الخبر بأنه وقع في شبكة الأمير ولا محالة يظفر به.
ثم أن قلعية صاروا في كل يوم يجيشون الجيوش ويريدون الهجوم على الأمير. ولما رأى الأمير ذلك جمع جيشه لغزوهم وبعث إلى قبائل العرب الدائرة