لم يصدر منا شيء ، ولا يكون منا ولا منهم شيء. قال فاستحسن كبراء العرب كالأحلاف والمطالسة وهوارة والسجع وغيرهم كلامه وكتبوا بذلك لمولاي عبد الرحمان مخبرين له بأن الأمير معترف له بالفضل والمملكة وأنه كواحد من خلفائه ونحن نشهد له بذلك فإنه لا يريد مقاومته ولا خصامه ، ولما بلغ لمولاي عبد الرحمان مكاتب العرب حوقل وقال الناس ما بين مادح وقادح ، وزام ومازح ، والله أعلم بمن هو أهدى سبيلا ، وأصدق قيلا ، وبقي الأمير بسلوان أمدا وقد أذعنت له الشلح وأجرى حكمه عليهم ، بحيث أمر بحفر مطمورة قدر ما يجلس ثلاثة ثلاثة بلا مزيد عليهم ، ثم صار كل من يسجنه منهم يدخله لتلك المطمورة ويناوله القفة والفأس بتحقيق الأمر ، ويقول له احفر لنفسك فيها محلا لجلوسك إلى أن عظمت تلك المطمورة بالحفر ، ثم أن المولود بن عراش وسي المولود بوطالب وأخاه سي أحمد بوطالب الذين فروا من الأمير لفاس ، اجتمعوا بمولاي عبد الرحمان على وزرائه وقالوا له لنا علم بحيل الأمير وحربه فجهز لنا جيشا نذهب به لحربه لاجلائه عن طاعتك أو الاتيان به حيا أو برأسه ميتا لك فوافقهم على ذلك بغاية الاقتباس.
فأشار عليه بعض وزرائه بإبطال ذلك وقال له هذا من خبث فعلهم وقبح نعوتهم ، لأنهم لما أرادوا خديعة أميرهم وقريبهم الذين كانوا في نعمته وحرمته لا ريب أنهم يخدعونك أو جيشك فأطردهم مولاي عبد الرحمان وأمرهم بإلزام بيوتهم.
ثم أن كبراء الأحلاف وغيرهم من العرب أتوا للأمير وحثوا عليه في إرسال الهدية التي كان جهزها لمولاي عبد الرحمان وتوانى عن إرسالها بسبب واقعة الأحمر وقلعية فتشاور مع خلفائه وأعيان دائرته وجيشه على ذلك فأشاروا عليه بإرسالها ، فانتخب من جيشه فرسين ذكرين من عتاق الخيل أحدهما للجيلاني ولد السايح ، وثانيهما لمحمد ولد العزري الحشمي فتبين بفرس الثاني عيب مفرط فتركه في القول الراجح. وأخذ فرس السيد أحمد بن الشريف المعسكري وكان كميتا وبأرجله الأربعة سواد خلقة سار بهم في غاية الجمال يقال له البصري لكونه اشتراه من قبيلة بإزاء تيارت يقال لهم البصرة وهو في غاية الكمال. وجعل عليهما سرجين جيدين من ذهب خالص مع أشياء جليلة في الهدية وبعثها مع