خليفته البوحميدي وكان غرض هذا الخليفة السكنة في فاس والراحة من التعب إلى أن يموت في القولة المحكية ، بعد ما كتب له الأمير المكاتب لمولاي عبد الرحمان / ومكنه من المكاتب التي كان يكاتبه بها الوزير السيد محمد بن إدريس وزير مولاي عبد الرحمان ، وأمر بأنه إذا لم يتعرض له أحد من الوشاة بشيء فلا يظهرها للسلطان ، وإلا فليظهرها والأمر كله للمالك الديان. ثم شيعه ورجع وقلبه في فلق من فراقه. وأما السيد محمد البركاني خليفته أيضا فكان قدم سابقا بالإذن لفاس بقصد السكنى فأكرم مثواه مولاي عبد الرحمان وعين له خراجا لاتفاقه. ثم جدّ البوحميدي السير بتلك الهدية. وصحبته أعيان الدائرة وأعيان العرب المريدين للهدية. ولما وصل لفاس اجتمع بالسلطان فدفع له الهدية ووقع الكلام بينهما على الأمير بالإحسان فبالغ البوحميدي في الثناء على الأمير ، وزينه في قلب السلطان فأصغى له السلطان غاية الإصغاء بالتحرير. فقام الوزير ابن ادريس وقال له يا سيدنا لا تصغي لكلام هذا الخلاط الشيطان ، فإنه هو وأميره وجميع الخلفاء شياطين مفسدين في الأرض وأن كلامه هو البهتان ، قد أفسدوا المغرب الأوسط بفعلهم وقولهم وعثوا فيه إلى أن فر أهله منهم للفرانسيس فإنهم لأولاد إبليس لصلبه. ثم جاءوا لمغربنا وشرعوا في الفساد فغزوا الأحلاف ثم الأحمر وقتلوه وأخذوا محلته ثم قلعية وقتلوهم وأخذوا أموالهم وتصرفوا بالحكم فيهم فقد وقع هذا كله منهم وظفرت بواحد منهم ولم تبادر بالفتك به. فعلا الغضب على وجه مولاي عبد الرحمان ، ولما رآه البوحميدي قال له يا سيدنا نعم السلطان إن ما نسبه لنا من الشيطان والخلاطة ليس ذلك من شئننا وإنما ذلك من شأنه الغادر اللئيم. وأنت خبير بأن أميرنا هو بايالته وفي أيامه وهو مذعن لك بالطاعة ومعترف لك بالبيعة ومرسل لك بالهدايا الجليلة ومكاتبه لا تنقطع عنك فما تأمره به يفعله وما تنهاه عنه يتركه بمحله فضلا عن هذا المحل العظيم. وإنما الذي جعل الخلاط الجليل ، وأبعد بينك وبين الفعل الجميل ، وصار بينكما شيطان ، وأوقد للحرب بينكما النيران ، هو الغادر لك والماكر بك فرخ إبليس ، وهو وزيرك هذا محمد بن إدريس لأنه كان يكاتب الأمير بغير قياس ، ويقول له في مكاتبه جدّ السير لتملك المغرب بأسره وتسكن مدينة فاس ، فإن بابها من كل ناحية لك مفتوح ، إن شئت فادخل من باب القيسة وإن شئت من باب الفتوح ،