وأني متفق مع الكبراء من التجار والأعيان والعلماء وأهل الديوان ، على تمليك المغرب لك على حسب ما تريد ، وتكون أنت سلطانه الطود العظيم والليث الشديد. فإن وطئة العلاويين وظلمهم قد عظمت عجل الله بمحقها على يد الأدارسة. فالغرب لا يسعد إلا على الأدارسة وأنت واحد من الأدارسة. وإن أكذبتني يا سيدنا في مقالتي ، وأصدقته في تغيير حالتي ، فمكاتبه تحتي خذها واقرأها ثم قل له اقرأ كتابك ليزول / عنك الريب ويحل لك الانتقام منه لأنه عدو غادر ماكر لك وبك في الشهادة والغيب.
ثم استخرج المكاتب من جيبه بسرعة وناولها للسلطان ، ولما قرأها الأمير مولاي عبد الرحمان ، اشتد الغضب به على وزيره الغادر ، ابن ادريس الخادع الماكر ، وقال له اقرأ كتابك يا خادع ، لتعرف أنك أنت الماكر وهو الصدوق الذي بأمره مصادع. ثم أمر مولاي عبد الرحمان كل من حضر بقتل ابن ادريس بالنعال ولا يدعوا له بابا للمفر. فاشتغلت الناس بضربه بالنعال. لكل ناحية من جسده إلى أن مات بأشد النكال. وأمر بطبع أبواب ما يملكه من الدور ، ونزع الملك من يد الجسور ، فنزعت في الحين ، وصارت ورثته من جملة الفقراء والمساكين. وقرب البوحميدي وأدناه. ولأحسن الدور بفاس ملّكه وأعطاه ، وزوجه من ابنة العلامة السيد محمد بن عبد الله سقاط ، وتولى مئونه (كذا) وجعل له راتبا شهريا وأعطاه من يخدمه من الإيماء فصار في عز وانبساط. ولا زال كذلك إلى أن سأل الزيارة لدار وازان ، وضريح القطب مولاي عبد السلام فأذن له السلطان. ولما تمت زيارته ورجع لأهله بفاس قبض عليه السلطان لكون الوشاة قالوا له أن جولانه ليس للزيارة وإنما هو للتجسس والاختلاط والاتفاق مع الناس ، وسجنه إلى أن سقاه سما به مات ثم ندم السلطان على ذلك. وعلم أن تلك شيطانة حلت به إلى أن ارتكب تلك المهالك.
قال ولما رجع أصحاب البوحميدي المصاحبين له لفاس ، اعلموا الأمير فتأسف كثيرا وحصلت له الندامة على إرساله وقال يا ليتني لم أتركه ذهب (كذا) عند الظالمين البخاس.
ثم ارتحل الأمير بدائرته من سلوان ، ونزل بملوية ومكث بغاية الإطمنان