أرسل بمثل وظيفه لمستغانيم عند الحاج مصطفى ولد عصمان لما تسمى بها بايا في القولة المشهورة. ولما توفي المرحوم عمه مصطفى بن إسماعيل بفليتة في ثالث العشرين من ماي سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافقة للعام التاسع والخمسين ومائتين وألف ، تولى السيد الحاج المزاري بعد رجوعه من الحج في المرة الأولى حكم أعراش المخزن ولم يزل مع الدولة الفخيمة في سوق الطعن والضرب ، مع القبائل والعرب وهو في الغاية القصوى من أنواع الحرب ، وكان على يديه العسكر والقوم ، وجواده محزوما بالذهب وهو لا يخشى أحدا ولا يفعل ما يؤديه للوم ، وزناده مكحولا ، وسيفه للقتال مسلولا ، وصار شوكة في عين الأعداء ، كعمه وأسلافه إلى أن خففت على الدولة الألوية والبنود / ، وضربت الطبول ونغمت النغائر من الجزائر إلى أقصا (كذا) عجرود ، وقام مقام ليث الحروب الأوفى ، وهو عمه المرحوم مصطفى وبقي على ذلك في العز والإقبال ، والهزم للعدو يضرب النضال ، إلى أن سلم في وظيفه في شهر دسامبر (كذا) من السنة المذكورة ، لدى المريشال بيجو وهو بوهران فقبل منه ذلك واستعفاه لما سأله في المقالة المشهورة ومن كثرة فواعله الذاتية الباهرة ، والتي كشمس الآفاق الظاهرة أنه قد تشرف من عند الدولة بالحاشية الوردية الزاهرة ، ثم رجع ثانيا إلى مكة المشرفة ومكث بها إلى سنة ثمان وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافقة لعام أربعة وستين ومائتين وألف رجع إلى بلده فسكن أولا بالجزائر ، وبقي بها نحو السنة مجاورا للباي أحمد باي قمسطينة (كذا) في القول الناير (٦) ، ثم قدم إلى ملاتة وسكن بها أمدا ثم ظهر له أن البادية لا توافقه ، ولا تجانسه ولا ترافقه ، فانتقل لوهران وبنا (كذا) بيتا برأس العين باليقين وسكن بها إلى أن أتاه اليقين وقد جعلت له الدولة ستة آلاف فرنك سنوية ويأخذها مشاهرة واشتغل بالعبادة ولازم قراءة المصحف إلى أن ختم فيه عدة ختمات وترك المفاخرة ، ولا زال يأخذ شهريته إلى أن توفي بداره برأس العين من وهران ، في يوم الأربعاء الموفي عشرين من شعبان ، عام ثمانية وسبعين ومائتين وألف ، الموافق لتاسع عشر فبري (كذا) سنة اثنين وستين وثمانمائة وألف ، وله من العمر ثمان وثمانون سنة ، في الرواية الصحيحة المبينة ودفن يوم الجمعة ثاني عشرون
__________________
(٦) الذي كان في إقامة جبرية. بمدينة الجزائر.