عليه الإحصاء ، ولا يضبطه الحصر والاستقصاء ووصل المستنفرون إلى بغداد في رمضان فاشتكوا واجتمع أهل بغداد في الجوامع واستغاثوا وبكوا إلى أن أفطروا من عظم ما جرى لهم بالاجتهاد ووقع الخلف بين السلاطين السلجوقية فلذلك تمكن الفرنج من البلاد ، وقال في ذلك المظفر الأبيوردي أبياتا من الطويل منها هذه الأبيات بالتحصيل :
مزجنا دماء بالدموع السّواجم |
|
فلم يبق منّا عرصة للمراجم |
وشر سلاح المرء دمع يفيضه |
|
إذا الحرب شبّت نارها بالصوارم |
وكيف تنام العين ملء جفونها |
|
على هفوات أيقظت كل نائم |
وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم |
|
ظهور المذاكي أو بطون القعاشم |
يسومهم الروم الهوان وأنتم |
|
تجرون ذيل الخفض فعل المسالم |
وكم من دماء قد أبيحت ومن دمي |
|
تواري حياء حسنها بالمعاصم |
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى |
|
وتقضي على ذل كماة الأعاجم |
/ فليتهم إذ لم يذودوا حيّة |
|
عن الدين ظنوا غيرة بالمحارم |
ومات من النصارى ما بين حتف ومعركة نحو الخمسمائة ألف ، ثم تركوا بالقدس أميرا يقال له قود فرد بويون ومعه خمسمائة من أجوادهم باتباعهم بالكلف ، ورجعوا لبلادهم عازمين ، وبتمهيد أوطانهم جازمين ، وملكوا القدس تسعين سنة وحصل التخالف بين أجوادهم فذلك سبب خروجهم من المشرق وهلاكهم بأحفادهم ، وفي مدة إقامتهم بالمشرق كان لهم التسلط العظيم على المسلمين ، وغزوهم لهم في كل الوقت والحين. فغزوا في سنة أربع وتسعين وأربعمائة (٧٢) أرسوف ، بساحل عكّا وقيسارية وملكوها ، وفي التي بعدها سار صنجيل الفرنجي بجمع قليل وحصر ابن عمار بطرابلس الشرق إلى أن صالحه بمال أخذه وسار يهوم هيوما ، فحط كلكله على أهل انطرطوش إلى أن فتحها ، وقتل من بها من المسلمين وربحها ثم صار الأكراد فحصر (كذا) حصنه فأتاه جناح الدولة صاحب حمص بجيوشه فوثب عليه باطني وهو بالجامع فقتله فارتحل صنجيل وسار إلى حمص فنازلها وملك أعمالها وأحلّ بأهله وبله ، ثم أغاروا في
__________________
(٧٢) الموافق ١١٠٠ ـ ١١٠١ م.