صارى عسكر للمباعدة والمقاربة ، ويا أعزّ أصدقائنا ومحبينا سكان الجزائر ومن ينتما (كذا) إليكم من شعب المغاربة ، إن الباشا حاكمكم من حيث أنه تجرأ على بهدلة بيرق افرانسا المستحق كل الاعتبار ، وأقدم على إهانته وإزالة ما له من الأسرار ، فقد سبّب بجهله هذا كل ما هو عتيد أن يحلّ بكم من الكوارث والمضرات ، لكونه دعا عليكم الحرب من قبلنا للخسوات ، فإن عزّة اقتدار سلطان افرانسا دام ملكه وأيامه المسرورة ، نزع الله من قلبه مرحمته المعهودة ورأفته المعروفة المشهورة ، فلا بد أن الباشا حاكمكم من قلة بصيرته وعماوة قلبه وجليه ، قد جدث على نفسه الانتقام المهول وقدّدنا منه القدر المقدر عليه ، وعن قريب يحلّ به ما استحقه من العذاب المهين ، أما أنتم يا شعب المغاربة اعلموا وتأكدوا يقينا أني لست آتيا لأجل محاربتكم فعليكم أن لا تزالوا آمين وفي أماكنكم مطمئنين ، وتعلموا أشغالكم بجهر وسر ، وكل ما لكم من الصنائع والحرف براحة السر ، ثم إنّي أحقّق لكم أنه ليس فينا من يريد ضركم بأحوالكم ، لا في مالكم / ولا في عيالكم ، ومما أضمن لكم أن بلادكم وأراضيكم وبساتينكم وحوانيتكم وكل ما هو لكم صغيرا كان أو كبيرا عظامي ، فيبقى على ما هو عليه ولا يتعرّض لشيء مني ذاك جميعه أحد من قومنا بل يكون في أيديكم دائما فآمنوا بصدق كلامي ، ثم أننا نضمن لكم أيضا ونعدكم وعدا حقيقا مؤكدا غير متغير ولا متأوّل ، أن جوامعكم ومساجدكم لا تزال معهودة معمورة على ما هي الآن عليه وأكثر من أول وأنه لا يتعرض لكم أحد في أمور دينكم وعبادتكم فإن حضورنا عندكم ليس هو لأجل محاربتكم ، وإنما قصدنا محاربة باشتكم الذي بدأ وأظهر علينا العداوة والبغضاء بفعله المذموم ، ومما لا يخفى عليكم غاية تحكمه وقبح طبعه المشوم ولا ينبغي لنا أن نطلّعكم على أخلاقه الذميمة ، وأعماله الرذيلة السقيمة ، فإنّه واضح لديكم أنه لا يسعى إلا على خراب بلادكم ودثارها ، وتضييع أموالكم وأعماركم بخسارها ، ومن المعلوم أنه إنما يريد أن يجعلكم من الفقراء المنحوسين لديهم ، الخاسرين المبهدلين أكثر من المسخط عليهم فمن أعجب الأمور بلذاته ، كيف يغبى عنكم أن باشتكم لا يقصد الخير إلّا لذاته ، والدليل كون أحسن العمارات والأراضي والخيل والسلاح (١٧٥) قد
__________________
(١٧٥) كلمة غير مقروءة.