والمشهور بينهم في محلّ الخلاف قولان : المجاز مطلقا ، وهو مذهب أكثر الأشاعرة ، والحقيقة مطلقا ، وهو المشهور من الشّيعة والمعتزلة (١).
وهناك أقوال أخر منتشرة ، والظاهر أنّها محدثة من إلجاء كلّ واحد من الطرفين في مقام العجز عن ردّ شبهة خصمه ، ففصّل جماعة وفرّقوا بين ما كان المبدا من المصادر السيّالة (٢) كالتكلّم والإخبار وغيره ، فاشترطوا البقاء في الثاني دون غيره.
وأخرى (٣) ففرّقوا بين ما لو كان المبدا حدوثيّا أو ثبوتيا (٤) ، فاشترطوا البقاء
__________________
(١) ولكن لا يبعد في أعصارنا أن يدّعى انّ الشهرة في هذه الأزمنة قد استقرت على عكس ذلك.
(٢) أي الجارية الغير القارّة ، وعلى ما فسرها بعض الأعاظم أنّ المصدر السيّال هو كل مبدإ من المبادئ لا يوجد بتمام أجزائه في الخارج ، بل يوجد جزء فجزء وينعدم ، يعني لا يوجد الجزء اللّاحق منه إلّا بعد انعدام السّابق كالتكلّم ، فزيد قائم مثلا إذا تكلّم به متكلّم فلا يأتي بياء زيد إلّا بعد انعدام زائها وهكذا ، ومقابلة المبدا القارّ بالذّات كالقيام ، فإنّه لا يوجد في الخارج إلا مجتمعة الأجزاء مرّة واحدة.
(٣) أي جماعة أخرى.
(٤) المراد بالحدوثي على الظاهر الفعل الذي يكون حادثا ومتجددا في كل وجود يتجدد تأثير مؤثر ، فإذا لم يتجدد تأثير المؤثر فينعدم كالضرب والمشي والكتابة وأمثال ذلك.
وعلى هذا فالثبوتي ما يكون ثابتا في الوجودات اللّاحقة للوجود الأوّل بسبب تأثير واحد سابق على الجميع من دون حاجة الى تأثيرات على حدة ، بلّ إذا وجد المؤثّر أوّلا استمر وجوده حتى يجيء المزيل ككثير من الكيفيات النفسانية من عقائد الإيمان والكفر ، ومنها الفقاهة ، بل مطلق الاعتقاد بالحكم الشرعي ولو برسم التقليد وغيرها كالمحبة والعداوة فيما يزول أسبابها ويبقى آثارها ، هذا كما أفاد بعض الأعاظم في الحاشية.