غالبا في أصل العلم ، ولا منافاة بين خروجه عن تعريف العلم ودخوله في طيّ مسائله.
وقولنا : «عن أدلّتها» من متعلّقات العلم لا الأحكام ، فخرج علم الله وعلم الملائكة والأنبياء ، ويمكن إخراج الضّروريّات أيضا عن ذلك ، فإنّها من جملة القضايا التي قياساتها معها (١) ، ولا يسمّى ذلك في العرف استدلالا ، ولا العلم الحاصل معها علما محصّلا من الدّليل وإن كان تلك الضّرورة علّة لتلك العلوم في نفس الأمر.
وأمّا إخراج مطلق القطعيّات عن الفقه ـ كما يظهر من بعضهم (٢) ـ فلا وجه له ، إذ الاستدلال قد يفيد القطع ، وقبله لم يكن قطع بالحكم.
وخرج ب : «التفصيلية» علم المقلّد في المسائل ، فإنّه ناشئ عن دليل إجمالي
__________________
(١) والمراد من الضروريات هو ما سلّم ثبوتها في الدين ، فلا يفتقر العلم بها الى دليل ، فإنّها من جملة القضايا التي لا تحتاج الى قياس واستدلال ، بل قياساتها معها ، أي انّ العقل لا يصدّق بها بمجرد تصوّر طرفيها كالأوّليات ، بل لا بد لها من وسط ، إلّا أنّ هذا الوسط ليس مما يذهب عن الذّهن حتى يحتاج الى طلب فكر ، ويقال لها : الفطريّات كقولنا : الاثنين خمس العشرة ، والزنا حرام. والمراد بالقياس هنا الصغرى والكبرى.
مثلا الزنا حرام قضية ضرورية قياسها معها ، فإنّ العقل بعد تصوّر الطرفين يجزم بأنّ الزّنا مما سلّم حرمته في الدين بحيث يعلمه عموم الناس ، وكلما سلّم حرمته كذلك فهو حرام ، فالنتيجة انّ الزّنا حرام.
(٢) الظاهر انّ ذلك البعض هو الشيخ البهائي حيث قال في «زبدته» ص ٤٠ : والقطعيات ليست فقها ومن ثم لا اجتهاد فيها ، إذ الظاهر في كلامه رحمهالله الاطلاق ، كما لا يخفى. ولكن الانصاف انّ قوله : ومن ثم لا اجتهاد فيها يدل على انّ المراد بالقطعيّات التي تكون قبل الاجتهاد قطعيّا لا مطلقا ، إذ القطعيّات الحاصلة في ضمن الاجتهاد من الفقه.