فنقول بناء على جعل العلم بمعنى اليقين : إنّ المراد الملكة التي يقتدر بها على الإدراكات اليقينيّة ، وبناء على جعله بمعنى الظنّ ؛ الملكة التي يقتدر بها على الإدراكات الظنيّة ، غاية الأمر أنّه يلزم على إرادة الظنّ من العلم (١) سبك مجاز من مجاز ، فالعلم بالحكم مجاز عن الظنّ به ، والظنّ به مجاز عن ملكة يقتدر بها على تحصيل الظنّ به ، وكذلك يلزم ذلك على الوجهين الأخيرين (٢).
فالعلم على أوّل الوجهين استعارة للظنّ بمشابهة وجوب العمل. كما أنّ في الصّورة السّابقة كان استعارة بمشابهة رجحان الحصول ، أو مجازا مرسلا بذكر الخاصّ وإرادة العامّ ، ثمّ يترتّب على ذلك إرادة الملكة من ذلك بعلاقة السّببيّة والمسبّبيّة.
ويظهر من ذلك الكلام في الوجه الأخير أيضا ، وهو أردأ الوجوه (٣) ، وأمّا على ما اخترناه من الوجه الأوّل فلا يلزم ذلك (٤).
وثانيا : إرادة البعض ، ونقول : إمّا أن يمكن تحقّق التجزّي ، بأن يحصل للعالم الاقتدار على استنباط بعض المسائل عن المأخذ ـ كما هو حقّه دون بعض ـ أو لا يمكن.
__________________
(١) كما في القسم الأوّل من الوجه الثاني في قوله : ومنها انّ المراد بالعلم هو الظنّ.
(٢) فيلزم سبك المجاز من المجاز على الوجهين الأخيرين ، وهما العلم بوجوب العمل به والعلم بمدلولية الدليل.
(٣) الوجه الأخير بأنّه مدلول الدليل هو أفسد الوجوه. وقد توجّه الأردئية بعدم كون الفقه هو العلم بمدلولية الأحكام للأدلّة ، بل هو العلم بنفس الأحكام.
(٤) الوجه الأوّل وهو جعل العلم بمعنى اليقين ، فلا يلزم سبك مجاز من مجاز ، بل يلزم سبك مجاز وهو الملكة من حقيقة وهي اليقين ، وكذا لا يلزم ذلك على الوجهين الأخيرين كما عرفت.