نفس الأمر غير مضرّ ، مع أنّ هذا لا يتصوّر إلّا في فرض نادر كما لا يخفى ، فلا يوجب القدح في القواعد المبتنية على الغالب.
وينبّه على ما ذكرنا (١) ، البناء على أصالة الحقيقة فيما لم يظهر قرينة المجاز ، وإن كان المراد هو المجاز في نفس الأمر.
فإن قلت : فأيّ فائدة في هذا الفرق ، وما الفرق بين المجاز المشتهر (٢) إلى أن يفهم منه المعنى مع قطع النظر عن الشّهرة ، وما يتبادر منه المعنى مع ملاحظة الشّهرة ، بل هذا مجرّد اصطلاح ولا يثمر ثمرة في الأحكام؟
قلت : الفرق واضح ، فإنّ الحقيقة في الأوّل مهجورة ، وفي الثاني غير مهجورة.
فإن قلت : إذا كانت الحقيقة الأولى محتاجة فى الانفهام الى القرينة فهو أيضا في معنى المهجور ، فيصير معنى مجازيّا كالصّورة الاولى.
__________________
ـ السير فلا اشكال حينئذ في عطف الفقهية على الاصولية. وان جعل سائر بمعنى الباقي أخذا من السؤر لا بد من عطف الفقهية على الاصولية مع اعتبار موصوف لها مقدّر على نفس سائر الاصولية. وأما المراد من غيرها أي مسائل النحو والصرف والمعاني والبيان والطب وغيرها من العلوم اللّفظية والمعنوية التي يكتفى فيها بالظن. وقوله : الاصولية ظاهر في أصول الفقه ، وأصول الدين يدخل في غيرها بناء على كفاية الظنّ في أصول الدّين أيضا في الجملة.
(١) الفرض النادر لا يوجب الطعن في القواعد المبتنية على الغالب ، وينبّه على ما ذكرنا من كفاية الظنّ.
(٢) لما كان المصنف قد أشار سابقا الى الفرق بين قسمي المجاز المشهور بأنّه إن تبادر مع قطع النظر عن الشهرة فحقيقة عرفية ، وإن تبادر بملاحظة الشهرة فمجاز ، وذلك في قوله : وتوضيح ذلك انّ المجاز المشهور ... الخ. واحترازا عن القدح من التقسيم المذكور والفائدة منه ومن القول بعدم ثمرته في الأحكام الفقهية أجاب بالمذكور.