ان شاء الله ، ومعنى هذا على مذهبهم انه لا بيعة لك في عنقهم على اعتبار ان الله لم يشأ لك الخلافة. فامتلأ المنصور غضبا ، وقال لجلاوزته خذوا هذا مشيرا إلى محمد بن إسحاق ، فجعلوا رداءه في عنقه ، وجروه الى الحبس.
وبهذه المناسبة نشير الى انه إذا قال قائل : بعتك هذا ان شاء الله ، أو امرأتي طالق ان شاء الله ، أو والله لأفعلن كذا ان شاء الله ونحو ذلك ، إذا قال مثل هذا ينظر : فإن أراد مجرد التبرك باسم الله تعالى فعليه أن يلتزم بما قال ، ويكون بيعه أو يمينه أو طلاقه صحيحا ، لأن الكلام وهذه هي الحال ، يكون في حكم المطلق المجرد عن كل قيد ، وان قصد التعليق حقيقة فلا يلزمه شيء ، ويكون كلامه وعدمه سواء من حيث الأثر الشرعي ، لا لأن التعليق من حيث هو يبطل الشيء المعلق. بل لأن المعلق عليه ، وهو مشيئة الله ، من عالم الغيب لا من عالم الشهادة.
وتسأل : بأي شيء نعلم انه أراد التعليق ، أو أراد مجرد التبرك باسم الله تعالى؟.
الجواب : نرجع في معرفة ذلك الى المتكلم نفسه لأن القصد لا يعرف إلا من جهة صاحبه ، وعلى القضاء أن يأخذ بقوله.
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). بعد أن استطرد سبحانه بذكر الآيتين عاد الى أهل الكهف ، وبيّن انهم مكثوا في نومهم العميق ٣٠٩ سنوات.
وتسأل : لما ذا قال : وازدادوا تسعا ، ولم يقل ثلاثمائة وتسعا؟.
وأجاب بعض المفسرين بأنه تعالى أشار بقوله : وازدادوا الى أن أهل الكهف مكثوا ٣٠٠ سنة بحساب السنين الشمسية ، و ٣٠٩ بحساب السنين القمرية لان التفاوت بينهما في كل مائة سنة ثلاث سنوات.
(قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). أجل ، هو أعلم لأنه خلقهم وهداهم وأنامهم وأيقظهم وأماتهم ، وقد أخبر انهم مكثوا ٣٠٩ سنوات ، وقوله الحق ، وحكمه الفصل (أبصر به وأسمع) أي ما أبصره تعالى لكل ما يرى ، وما أسمعه لكل ما يسمع ، والغرض ان الله لا يخفى عليه شيء.
(ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً). ضمير لهم يعود الى