مفعول لفعل محذوف أي وجعلنا في آذانهم وقرا. وإذا حرف جواب وجزاء. وتلك مبتدأ والقرى عطف بيان ، وأهلكناهم خبر ، ويجوز ان تكون تلك مفعولا لفعل محذوف يفسره الفعل الموجود أي وأهلكنا تلك القرى أهلكناهم.
المعنى :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ). أوضح سبحانه الدلائل على وجوده ووجوب طاعته بشتى الأساليب ، وضرب الكثير من الأمثال على ذلك ، وأمر الإنسان بالخير ونهاه عن الشر ، وان يتوب مما أسلف من الذنوب ، وحذره من مخالفة الأمر والنهي والإصرار على الذنب ، ولكنه أعرض ونأى بجانبه ، وأهلك نفسه بفساده وعناده (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً). تقدم نظيره مع التفسير في الآية ٢٥ من سورة الأنعام ج ٣ ص ١٧٦ والآية ٤٦ من سورة الإسراء.
(وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً). وكيف يهتدون؟ وعلى قلوبهم أغطية ، وفي آذانهم صمم. وكل من لا ينتفع بالموعظة الحسنة فهو وأعمى القلب والعين والأصم سواء.
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ). تقدم نظيره مع التفسير في الآية ٦١ من سورة النحل ج ٤ ص ٥٢٥ (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) أي ملجأ ، والمراد بالموعد هنا وقت اللقاء عند الله الذي لا خلف له ، ولا مفر عنه ، قال الإمام علي (ع) مخاطبا ربه : «انت الأبد لا أمد لك ، وانت المنتهى لا محيص عنك ، وأنت الموعد لا ملجأ منك إلا اليك ، بيدك ناصية كل دابة ، واليك مصير كل نسمة».
(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً). المراد بالقرى قرى عاد وثمود وغيرهما من الأمم الخالية ، والمهلك الهلاك ، والمعنى ان الله جعل لهلاك الظالمين وقتا معينا ، فإذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.