المصدرية أي سرب الحوت سربا. وهذا عطف بيان من سفرنا. والمصدر من ان اذكره بدل اشتمال من هاء أنسانيه أي ما انساني ذكري إياه إلا الشيطان. وعجبا صفة لمفعول مطلق محذوف أي اتخاذا عجيبا. وقصصا منصوب على المصدرية أي يقصان الأثر قصصا أو في موضع الحال أي مقتصين.
المعنى :
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً). اختلفوا في موسى بطل هذه القصة : هل هو موسى بن عمران أو غيره؟. نقل الرازي عن اليهود انه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب ، وهو أقدم من موسى بن عمران واكثر العلماء والمفسرين على انه ابن عمران الشهير ، وهو الظاهر. أما فتاه فالمعروف انه يوشع بن نون ابن اخت موسى بن عمران وتلميذه المقرب وخليفته من بعده على بني إسرائيل ، أما الذي قال له موسى : هل أتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا .. فالمعروف بين الناس انه الخضر ، ولكن الله سبحانه سكت عن اسمه ، واسم فتى موسى ، فيجمل بنا نحن ان نعبر عن هذا بفتى موسى ، وعن ذاك بصاحبه.
وقيل : ان الخضر لقب ، أما اسمه فبليا بن ملكان ، واختلفوا : هل هو نبي أو ولي؟. وأيضا قيل : انه من المعمرين الأحياء الى يوم يبعثون ، أما نحن فنلتزم السكوت عن نبوته وحياته إذ لا دليل قاطع للشك من الكتاب أو السنة على واحدة منهما ، ولا يمتان الى عقيدتنا وحياتنا بصلة. وقال البعض : انه من الملائكة. وهذا أبعد الأقوال.
وفي رواية ان سائلا سأل موسى : أي الناس أعلم؟ قال : أنا .. فأراد الله سبحانه ان يعلمه التواضع ، وانه فوق كل علم عليم ، فأوحى الله اليه ان في مجمع البحرين رجلا يعلم أشياء لا تعلمها. فقال له موسى : وكيف لي به؟ قال : تحمل معك حوتا لا حياة فيه ، فحيث تفقد الحوت فالعالم هناك ، فحمل موسى الحوت ، واصطحب معه فتاه ، وجدّا في السير حتى بلغا مجمع البحرين