من أن يفرط مفعول نخاف. ويجوز انّي وانني ، وانّا واننا.
المعنى :
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي). المراد بالآيات هنا المعجزات ، وهي العصا واليد البيضاء وغيرهما من الآيات التي أشرنا اليها عند تفسير الآية ١٠١ من سورة الاسراء. ومعنى لا تنيا في ذكري لا تتهاونا في رسالتي والتذكير بأمري ونهيي (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى). اذهبا تأكيد لإذهب أنت وأخوك ، وتقدم نظيره في الآية ٢٣ من هذه السورة.
(فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى). وإذا تذكر أصحاب الشركات الاحتكارية في هذا العصر يتذكر فرعون ويخشى .. ومهما يكن فان هذه الآية تحدد أسلوب الدعوة الى دين الله ، وبالأصح تحدد أسلوب الاقناع بالحق ، ونظيرها قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ـ ١٢٥ النحل ، والموعظة الحسنة أن يشعر معها المخطئ تلقائيا بخطئه ، والضال بضلاله ، ويرى نفسه بعيدا عن الحق والواقع : (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) ـ ١٠ الملك.
والشرط الأول للموعظة الحسنة ان لا يريد الواعظ بموعظته الا الإصلاح ، بحيث يعتقد المقصود بالموعظة أو غيره من أهل الوعي ان الغاية الأولى والأخيرة هي مصلحته وهدايته ، والشرط الثاني أن تكون الموعظة بالقول اللين ، ومما قاله موسى لفرعون : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) ـ ١٩ النازعات. أنظر ج ٤ ص ٥٦٤.
(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى). انك تعلم يا إلهنا جبروت فرعون وعتوّه ، وانه لا رادع يردعه عن الغدر بنا والأمر بقتلنا قبل أن يستمع الى ما زودتنا به من البينات والدلائل ، فهل لك أن تتفضل علينا بما نأمن معه من غوائله؟ (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى). فأنا الكافل الضامن لسلامتكما من غدره وغوائله. وكفى بالله حافظا ونصيرا.