يُحْيِيكُمْ) ـ ٢٤ الأنفال. أنظر ج ٣ ص ٤٦٥. وصدر كتاب جديد بقلم «ويلفريد سميث» جاء فيه «إن المسلمين قادرون بحسب دينهم على التكيف الحضاري مع متطلبات العلم الحديث ، والأسهام في خلق مجتمع يسوده التقدم الاجتماعي والعدل والكرامة».
(وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً). لا فرق بين من كفر بالله ، ومن كفر باليوم الآخر ، لأن الكفر بإعادة الخلق بعد فنائه معناه ان الله عاجز عن ذلك ، وهذا عين الكفر بالله. قال الإمام علي (ع) : عجبت لمن شك في الله ، وهو يرى خلقه ، وعجبت لمن أنكر النشأة الآخرة ، وهو يرى النشأة الأولى.
(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ). في هذه الحياة حزن وفرح ، ولذة وألم ، ولا شيء منهما بدائم ، ومن هنا قيل : الدهر يومان : يوم لك ويوم عليك. ولكن بعض الناس إذا تألموا من شيء انهارت أعصابهم ، وظنوا انهم في مشكلة لا تحل ، فيدعون بالشر على أنفسهم ، كما يدعون لها بالخير .. وهذا ضرب من الجهل والحمق ، ولو صبروا قليلا لذهبت آلامهم مع الأيام (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) في دعائه بالشر على نفسه من غير صبر وترو .. وتجدر الاشارة إلى أن المراد بالإنسان بعض أفراده. وفي نهج البلاغة : «لا تستعجلوا ما هو كائن مرصد ، ولا تستبطئوا ما يجيء به الغد ، فكم من مستعجل بما أدركه ودّ أنه لم يدركه».
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) دالتين على وجود الله ، لأن تناسقهما وتعاقبهما وفقا لقوانين ثابتة ، ونظام دائم ، من ألوف السنين لا يختلف سنة عن سنة ، كل ذلك وما اليه دليل قاطع على وجود مدبر حكيم ، ومهندس عليم.
وتجدر الاشارة الى أن الله سبحانه يدعو العلماء وأهل الفكر الى الايمان به عن طريق التدبر والتفكر في خلق السموات والأرض ، وما فيهما من نظام ودقة واحكام ، كتعاقب الليل والنهار وغيره من المظاهر الكونية ، أما البسطاء السذج فيدعوهم إلى الايمان عن طريق التذكير بنعمته وإفضاله عليهم ، كقوله تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ـ قريش. نقول هذا مع علمنا بأنه لا مانع من الجمع.