اللغة :
المراد بالطائر هنا عمل الإنسان من الخير والشر ، وكان العرب يتيمنّون بالطير السانح ، وهو الذي يأتي من جهة اليمين لأن الرامي يتمكن من رميه ، ويتشاءمون بالطير البارح ، وهو الذي يأتي من جهة اليسار ، لأن الرامي لا يتمكن من رميه ، فاستعير الطائر لعمل الخير والشر. وفي عنقه كناية عن انه لازم له لزوم القلادة لجيد الفتاة. والكتاب صحيفة العمل. والوزر الإثم والذنب.
الإعراب :
وكل انسان مفعول لفعل محذوف أي الزمنا كل انسان ألزمناه. وبنفسك الباء زائدة اعرابا ، ونفسك فاعل كفى. واليوم ظرف منصوب بكفى. وحسيبا تمييز.
المعنى :
هذه الآيات الثلاث تختلف في اللفظ ، وتتشابه في المعنى ، فقوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) كناية عن انه وحده المسئول عن عمله. وقوله : (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) معناه ان الإنسان غدا لا يملك إخفاء شيء من عمله : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) ـ ٣٠ آل عمران. انظر ج ٣ ص ٤٤.
(اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً). فلا يحتاج الإنسان غدا إلى شاهد أو حسيب ، لأنه هو يشهد ويحاسب نفسه بنفسه ، قال الطبرسي : «وانما جعله محاسبا لنفسه لأنه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلها مكتوبة ، ورأى جزاءها مكتوبا أيضا بالعدل لم ينقص من ثوابه شيء ، ولم يزد على عقابه شيء أذعن عند ذلك وخضع واعترف ، ولم تتهيأ له حجة ولا انكار ، وظهر لأهل المحشر انه لا ظلم ، قال الحسن : يا ابن آدم لقد أنصفك من جعلك حسيب نفسك».