منه (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) لا نشتبه بشيء ولا يفوتنا شيء مهما بلغ العدد ، قال الملّا صدرا في كتاب الأسفار : «في قدرة الله ان يكشف للخلائق جميع أعمالهم ، وميزان حسناتهم وسيئاتهم وثوابها وعقابها في لحظة واحدة ، وهو أسرع الحاسبين». ولو تنبه لهذه الآية من يحاول تطبيق القرآن على العلم الحديث لقال : ان المصدر الأول لفكرة العقل الالكتروني هو القرآن .. انظر القرآن والعلم الحديث في أول سورة البقرة.
وتكلم صاحب الاسفار عن معنى الميزان يوم القيامة وأطال الكلام ، وبالنظر الى مكانة المؤلف في فلسفة العقيدة وغيرها نقتطف من عباراته ما يلي مع ضرب من التصرف في التعبير بقصد الإيضاح :
«ان ميزان الآخرة هو ما يعرف به صحة العلم والايمان بالله وصفاته وأفعاله ، وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر ، وهذا الميزان هو القرآن الذي أنزله المعلم الأول ، وهو الله على المعلم الثالث وهو الرسول (ص) بواسطة المعلم الثاني وهو جبريل ، فبأحكام القرآن يقاس علم الإنسان وعقله وجميع أقواله وأفعاله ، وتعرف حسناته من سيئاته ، فإن كان الرجحان للحسنات فصاحبها من أهل السعادة ، وان كان للسيئات فصاحبها من أهل الشقاوة ، ومع تساوي الحسنات والسيئات فصاحبهما موقوف حتى يحكم الله فيه بالعذاب أو العفو ، ولكن جانب الرحمة أرجح لأن الله عفوّ رحيم. ثم قال صاحب الاسفار ـ في مكان آخر ـ لكل شيء ميزان الا قول : لا إله إلا الله لأن كلمة التوحيد لا يقابلها إلا الشرك ، وليس للشرك ميزان ـ وقال في مقام ثالث ـ ان القرآن بمنزلة مائدة فيها أنواع الأطعمة من لباب الأغذية الى التبن والقشور ، فاللباب هي الحكمة والبراهين ، وتختص بأولي الألباب والبصائر ، أما التبن والقشور فللعوام الذين هم كالأنعام ، كما قال تعالى : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
وقد يظن للوهلة الأولى ان التعبير بالتبن والقشور جرأة على كتاب الله وقداسته. ولكن صاحب الاسفار فوق الظنون والشبهات ، ومن تأمل كلامه يعلم ان مراده بالتبن والقشور هم أهل التبن والقشور كالظاهرية الذين يقفون عند الظاهر ، ولا ينظرون الى أبعد من أنوفهم بدليل ما قاله في فصل تحقيق قول النبي (ص) : ان