حال من الريح. ومن الشياطين متعلق بفعل محذوف. ومن يغوصون (من) مفعول لفعل محذوف أي وسخرنا من الشياطين ، ويجوز أن تكون (من) مبتدأ ومن الشيطان خبر والجملة مستأنفة. ودون ذلك متعلق بمحذوف صفة لعمل.
المعنى :
(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ). اشتهر على ألسن الرواة ان رجلين تخاصما الى داود ، أحدهما صاحب زرع ، والثاني صاحب غنم ، قال صاحب الزرع : ان غنم هذا رعت زرعي في الليل ، وبعد ان ثبت ذلك عند داود قضى بالغنم لصاحب الزرع ، ولما علم سليمان قال لأبيه : الأرفق بالرجلين ان يأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بها ، لا على سبيل الملك ، وان يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها حتى يعود الزرع كما كان ، وعندها يترادان ، فيأخذ هذا غنمه ، وذاك زرعه. فاستحسن داود حكم ولده ، ورجع اليه. وظاهر الآية يتفق مع هذه الرواية ، وقد ثبت عن الرسول الأعظم (ص) انه قال : ما وافق القرآن فخذوه ، وما خالفه فدعوه.
وتسأل : ان كلا من داود وسليمان نبي ، والنبي معصوم عن الخطأ بخاصة في الأحكام الشرعية ، وحكم الواقعة الواحدة واحد ، فما هو الوجه للاختلاف في الحكم بين داود وولده سليمان؟.
وأجاب البعض بأن قول داود كان صلحا بين الطرفين ، لا حكما .. ويلاحظ بأن الصلح يكون على بعض الشيء المتنازع ، وليس على جميعه ، والمفروض ان داود لم يبق لصاحب الغنم غنمة واحدة .. وقال آخرون : كل من داود وسليمان حكم باجتهاده. ويبتني هذا القول على ان النبي يجتهد كغيره من العلماء إذا أعوزته النصوص ، ولا يلتفت الى هذا الرأي لأن الاجتهاد انما يكون مع عدم النص ، وقول النبي نص يدل على الحق ، ولأن الاجتهاد يحتمل فيه الخطأ ومخالفة الواقع ، وهذا لا يصح بحق المعصوم.
وقال جماعة : ان الحكم كان على ما قال داود ، ثم نسخ بما قال سليمان ..