المعنى :
(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ). هذه اشارة الى عقيدة الأنبياء ، وهي التوحيد مع الانقياد اليه تعالى قولا وعملا ، والخطاب في أمتكم لجميع الناس بلا استثناء ، والمعنى عليكم أيها الناس أن تدينوا جميعا بدين التوحيد الذي كان عليه الأنبياء ، وأن تعبدوا الواحد الأحد ، وتخلصوا له في الأقوال والأفعال (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) أمرهم سبحانه أن يكونوا جميعا على عقيدة التوحيد ، فتفرقوا شيعا وطوائف ، منهم الجاحدون ، ومنهم المشركون ، حتى أتباع الأنبياء يلعن بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ، بل وأتباع النبي الواحد كذلك (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ). هذا تهديد ووعيد على تفرقهم وشتاتهم وانحرافهم عن الحق.
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ). الايمان مع العمل الصالح طريق الى الجنة ، والايمان بلا عمل لا يجدي شيئا لقوله تعالى : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) ـ ١٥٨ الانعام. أما العمل بلا ايمان فينفع صاحبه في الدنيا بنحو من الانحاء ، وقد ينفعه في الآخرة بتخفيف العذاب. وتكلمنا عن ذلك مفصلا بعنوان الكافر وعمل الخير عند تفسير الآية ١٧٨ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٢٢١ ، وتقدم نظير هذه الآية في سورة النحل الآية ٩٧ ج ٤ ص ٥٥٠.
(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ). هذه الآية سؤال عن جواب مقدر ، وهو : هل المشركون من أهل القرى الذين أهلكهم الله بكفرهم يحييهم الله ثانية بعد الموت ، ويعذبهم في الآخرة كما عذبهم في الدنيا؟.
فأجابه سبحانه بأن كل الناس يرجعون غدا الى الله من غير استثناء حتى الذين أهلكهم في الدنيا بذنوبهم ، وحرام عليهم عدم الرجوع الى الله بعد الموت ، بل لا بد من نشرهم وحشرهم لا محالة.
سؤال ثان : هل يعاقبهم الله في الآخرة على كفرهم بعد ان عاقبهم عليه في الدنيا؟ وهل يجوز الجمع بين عقوبتين على جريمة واحدة؟