عليّ أبوابا من المعرفة بأسرار القرآن وعجائبه التي لا تقف عند حد ، فكثير من الآيات تكررت في كتاب الله بلفظها أو بمعناها ، فأشرح في المرة الأولى المعنى بما أفهمه من اللفظ والسياق وغيره من القرائن. وفي المرة الثانية أعطف الآية المكرورة على ما تقدم مع الاشارة الى اسم السورة ورقم الآية السابقة ، أو أفسرها بأسلوب ثان ، وقد اتنبه في المرة الثانية أو الثالثة الى جهة في الآية كانت قد خفيت عليّ من قبل وعلى جميع المفسرين ، وبالأصح على أصحاب التفاسير التي لدي.
وأكثر الآيات تكرارا في كتاب الله هي الآيات الدالة على وحدانية الخالق ، والتنديد بالشرك وأهله ، فقد ذكرها سبحانه بكل أسلوب وبشتى الصور ، وتكلمت عن التوحيد ونفي الشرك في المجلد الثاني ص ٣٤٤ بعنوان «دليل التوحيد والأقانيم الثلاثة» ، ثم عدت الى الموضوع بأسلوب آخر في المجلد الرابع ص ٣٩١ بعنوان «عقول الناس لا تغنيهم عن دين الله» ، وأيضا أوردته بأسلوب ثالث في تفسير الآية ٣١ من هذه السورة ، وبأسلوب رابع وخامس حسب المناسبات ، وأعود اليه الآن بالبيان التالي :
ان الهدف الرئيسي للإسلام هو أن يربط الإنسان بخالقه يستلهم منه الهداية فيما يعتقد ويفكر ، وفيما يقول ويفعل ، ويتجه اليه في ذلك كله ، ومن أجل هذا حارب الإسلام الشرك ، واعتبره كبيرة الكبائر ، وجريمة لا تغتفر ، كما اعتبر الرياء والعمل لغير وجه الله في حكم الشرك ، وأخذ المشركين بأقسى العقوبات وأشدها ، وليس من شك ان ايمان الناس ، كل الناس بإله واحد ، وانهم يتحركون بارادة واحدة يقتضي بطبيعة الحال أن يكونوا جميعا على دين واحد وشريعة واحدة لا أحقاد دينية ، ولا نعرات طائفية ، ولا اتجار باسم الدين والمذهب .. أما الإيمان بتعدد الآلهة ، وان البشرية تتحرك بارادات كثيرة فان هذا يستدعي بطبيعته الشقاق والتناحر بين بني الإنسان .. فالإسلام ـ اذن ـ بدعوته الى عقيدة التوحيد يهدي الانسانية الى الأساس الذي يبتني عليه الحب والإخاء ، والأمن والهناء .. هذا ، الى ان الإله الواحد الذي يدعو الإسلام الى عبادته والعمل بشريعته هو الإله العالم الحكيم والعادل الرحيم يحب الخير لجميع الناس على السواء ، ويكره الشر بشتى صوره ومظاهره ، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، والذين أساءوا بما كانوا يعملون.