متعلق بمحذوف صفة لجبال ، ومثلها من برد أي صفة بعد صفة. من يمشي على بطنه ، ومن يمشي على أربع (من) استعملت هنا فيمن لا يعقل.
المعنى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ). يرسل سبحانه الرياح ، فتثير سحابا يسوقه من بلد الى بلد ، ثم يجمع بعضه فوق بعض على هيئة الجبال ، وفي هذا السحاب ماء سائل ، ومتجمد في قطع ثلجية تسمى بردا يخرج من السحاب (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ). يتصرف سبحانه في البرد على موجب حكمته ، فان اقتضت إهلاك زرع أو أي شيء أرسل عليه البرد ، والا صرفه عنه. وتقدم مثله في الآية ١٢ من سورة الرعد ج ٤ ص ٣٨٨ وقلنا هناك وفي مناسبات شتى : ان الظواهر الكونية تستند الى أسبابها الطبيعية مباشرة ، وتنتهي اليه تعالى بالواسطة لأنه خالق الكون بما فيه.
(يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ). ضمير برقه يعود الى السحاب ، ويذهب بها يخطفها ، قال تعالى : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) ـ ٢٠ البقرة (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) طولا وقصرا (إِنَّ فِي ذلِكَ) التقلب (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) الذين لا يقفون عند الأسباب الظاهرة ، ويدركون مبدعها وموجدها.
(وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ). ان لقدرة الله ووحدانيته شواهد وبينات لا يبلغها الإحصاء ، منها ما يتجلى في خلق الجماد ، ومنها ما نشاهده في خلق النبات ، ومنها في خلق الحيوان ، وما يدب على الأرض ، واليه الاشارة في هذه الآية ، ومحل الشاهد في الدابة على قدرة الله وعظمته ان الماء عنصر أساسي في تكوين الدابة وتركيبها ، وحقيقة الماء واحدة مع ان الدابة التي خلقت منه متنوعة ، فمنها من يمشي على بطنه كالزواحف ، ومنها من يمشي على رجلين كالإنسان ، ومنها ما يمشي على أربع كالانعام والخيل والبغال والحمير والوحوش ..