بَعْضٍ) تترددون عليهم ، ويترددون عليكم ، ولا غنى لأحدكما عن الآخر (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) لقد بيّن لكم هذه الأحكام ، وأمركم بالتزامها ليؤدبكم بعلمه وحكمته.
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) في جميع الأوقات ، لا في الأوقات الثلاثة فقط ، لأن الرخصة في غيرها انما هي للذين لم يبلغوا الحلم ، أما من بلغه فلا فرق بينه وبين غيره من الكبار ، وهذا هو معنى قوله تعالى : (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي كما يجب الاستئذان على الكبار في جميع الأوقات كذلك يجب على من بلغ الحلم من غير فرق ، ويبلغ الصبي الحلم بالانزال ، أو ببلوغ خمس عشرة سنة ، وتبلغ الصبية بالحيض أو الحمل أو بلوغ تسع على قول ، وخمس عشرة على قول (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ولا نفهم وجها لهذا التكرار من دون فاصل بين الآيتين إلا التأكيد والمبالغة في الأمر بالاستئذان.
(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً). وهن اليائسات من الحيض والولد ، ولا يطمعن في الرجال ، ولا الرجال فيهن (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ). لا بأس للعجوز ان تخلع ثوبها الظاهر الذي تلبسه في الشوارع والأسواق على ان لا تقصد بذلك اظهار زينتها للرجال لينظروا اليها ، وان لم تكن لذلك أهلا ، ولكن عسى من لاقط او قائل : كانت في الزمان الغابر ..
(وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ). الأولى للعجوز أن لا تخلع ثيابها أمام الأجانب ، حتى الظاهر منها ، وان جاز لها ذلك ، لأن الترك أبعد عن التهمة. وفي الحديث : دع ما لا بأس به حذرا مما به البأس (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع الأقوال ، ويعلم ما توسوس به الصدور.