بالولاية أو الوصاية أو الوكالة. وقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي ليسلم بعضكم على بعض ، والمعنى الظاهر من الآية أن لا بأس على الأعمى والأعرج والمريض ولا على غيرهم أن يأكلوا دون أن يستأذنوا من بيوتهم وبيوت أقاربهم المذكورين مجتمعين مع أصحاب البيوت أو غير مجتمعين. وأيضا لا بأس أن يأكل بالمعروف الوكيل وأمثاله من المال الموكل به ، وكذا للصديق أن يأكل من بيت صديقه ، فكل واحد من هذه الأصناف له أن يأكل من هذه البيوت شريطة أن لا يعلم بعدم الرضا من أصحابها .. وقال كثير من الفقهاء : انه يتناول شيئا من الفاكهة أو الخضار أو الطعام المعتاد الذي أعد للغداء أو العشاء أو الفطور دون الشيء العزيز الذي يدخر لحالات خاصة.
وتسأل : ان قوله تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) يدل على ان للإنسان أن يأكل من بيته دون ان يستأذن من نفسه ، وهذا كلام غير مستقيم؟
الجواب : ان المراد من بيوتكم بيوت أزواجكم وأولادكم على حذف مضاف لقوله تعالى : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ـ ١١ الشورى. وفي الحديث : ان أطيب ما يأكل المرء كسبه ، وان ولده من كسبه. وفي حديث آخر : أنت ومالك لأبيك. فصح اطلاق النفس على الزوج والزوجة لأن كلا من الآخر ، وعلى الولد لأنه من والده ولوالده.
سؤال ثان : لما ذا خص سبحانه بالذكر الأعمى والأعرج والمريض مع العلم بأنهم يدخلون في قوله : (عَلى أَنْفُسِكُمْ) لأن المخاطب جميع المكلفين ، ولا أحد يتوهم ان السلامة من العمى والعرج والمرض شرط لجواز الأكل كي ينبه الى خطئه وتوهمه؟.
وتعددت الأقوال في الجواب عن هذا السؤال ، وأنهاها بعض المفسرين الى خمسة ، وأقربها ان الصحابة كانوا يتحرجون من الأكل مع الأعمى ، لأنه لا يستطيع معرفة الجيد من الطعام ، فيلحقه الحيف ، والأعرج وان أبصر الطيب من الطعام لكنه يعجز عن الجلوس مع الجماعة للأكل حيث كانت تمد الموائد على الأرض. والمريض يعجز عن مشاركة الصحيح في الأكل ، حيث ينتهي هذا قبله ، ويبقى المريض وحده على المائدة فيخجل من الانفراد .. وأيضا امتنع الصحابة