الإعراب :
تلك مبتدأ وآيات الكتاب خبر. ولعل تتضمن هنا معنى الإشفاق. ونفسك مفعول به لباخع. والمصدر من الا يكونوا مفعول من أجله. وظل للنهار ، تقول : ظل أي أقام نهارا ، وبات لليل تقول : بات أي أقام ليلا ، وهما من أخوات كان يرفعان الاسم وينصبان الخبر ، وأعناقهم اسم ظلت وخاضعين خبر ، وأصل الكلام فظلوا لها خاضعين ، ثم حذفت واو الجماعة وأقيمت الأعناق مقامها لأنها موضع الخضوع ، وتركت كلمة خاضعين على أصلها. ومن ذكر (من) زائدة إعرابا وذكر فاعل يأتيهم ، وكم مفعول أنبتنا.
المعنى :
(طسم). تقدم الكلام عن مثله في أول سورة البقرة (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ). تلك اشارة الى آيات هذه السورة ، والكتاب القرآن ، والمبين يبين الحق ويظهره (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ). الخطاب من الله لمحمد (ص) يعاتبه فيه على شدة حزنه وأسفه لاعراض قومه عن الهدى والحق. وتقدم مثله في الآية ٣٥ من سورة الانعام ج ٣ ص ١٨٣ والآية ٦ من سورة الكهف.
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ). يقول سبحانه لنبيه الكريم : هوّن عليك ، لو أردنا أن يؤمنوا قسرا وجبرا لأنزلنا عذابا من السماء يرونه عيانا ، وقلنا لهم : اختاروا ، اما الهلاك ، واما الايمان .. وليس من شك انهم يستسلمون أذلاء خاضعين .. ولكن هل يعد هذا ايمانا يستحقون عليه الثواب؟ كلا ، ان الايمان الحق ما كان بالارادة والاختيار ، لا بالإكراه والإجبار ، ولذا أقدرناهم على فعل الشر والخير ، وأمرناهم بهذا ، ونهيناهم عن ذاك ، وتركنا لهم أن يختاروا ليستحقوا الثواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية.
وتسأل : لقد فعل سبحانه ذلك ببني إسرائيل في عهد موسى (ع) بدليل قوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما