المصرية (١) عدد ٧ نيسان «ابريل» ١٩٦٩ جاء فيه :
«يتألف جسم الإنسان من ملايين الخلايا ، ولا ترى الخلية لشدة صغرها الا بالميكرسكوب ، ومنذ أعوام قليلة كان محالا ان ينشأ علم الخلايا لان العلماء لا يستطيعون ان يفتحوا الخلية ، او يحقنوها بمادة معينة ، لان هذه العملية تحتاج الى جراح ، له إصبع تبلغ من الدقة بمقدار جزء من ألف من المليمتر ، وايضا تحتاج حقنة هذه الخلية الى ابرة تبلغ من الدقة بمقدار جزء من مليون من المليمتر .. وأخيرا اهتدى العلماء الى فتح الخلية عن طريق الضوء تماما كما نفعل عند ما نشعل سيجارة من ضوء الشمس بواسطة زجاجة تجمع الاشعة في نقطة صغيرة تحرق طرف السيجارة ، وبهذه الطريقة وحدها أمكن فتح الخلية ، وتبين للعلماء انها مجتمع مشحون بعشرات من المخلوقات المختلفة لكل مخلوق منها سمات خاصة ؛ وأدوار يقوم بها وعلاقات تربطه بغيرها من سكان الخلية ، ويحتاج فهم هذه الأدوار والعلاقات الى سنوات من البحث ، وربما الى اجيال .. وهكذا نشأ علم الخلايا ، وأصبحنا الآن نعرف ان الخلية لها أعضاء وجسيمات واغشية وخيوط وغير ذلك مما يحير العقول»
«وقد ظهر من خلال الأبحاث أن كرات الدم مجتمع من الخلايا السابحة يبلغ عددها عشرة أضعاف عدد البشر ، وهي تؤلف اجيالا تتجدد كل اربعة أشهر ، ومع ذلك تحافظ الأجيال على العدد ذاته ، بحيث يكون عدد الجيل الآتي بمقدار عدد الجيل الذاهب لا يزيد ولا ينقص ، ولا يعاني مجتمع الخلايا ما تعانيه المجتمعات الانسانية من انفجار السكان .. وهنا العجب ، ولا عجب أن يتولد من خلايا النخاع العظمي أنواع من كرات الدم مختلفة متفاوتة شكلا ونوعا ووظيفة .. حمراء وبيضاء .. مقاتلة ومسالمة .. فكيف تنشأ أجناس متعددة من جنس واحد؟. كيف يمكن أن تنجب الزرافة جيلا بعضه ثعالب ، وبعضه أفيال ، وبعضه تماسيح؟. وباختصار شديد أصبحت الخلية الآن نجم البحث العلمي وطريقه الجديد ، وربما الوحيد لفهم اسرار الحياة».
__________________
(١). نظمت اوقاتي على هذا النحو : ساعة ونصف قبل الظهر لقراءة الصحف وشراء لوازم البيت ، وساعة نصف من الليل لقراءة الجديد من البحوث العلمية والاجتماعية ، وما عدا ذلك للتأليف.